ذاكرة 2023... أبرز محطّات الوجع المسيحيّ في الشرق الأوسط

بين ضحايا حريق بغديدا وكنيسة برفيريوس، وآثار زلزال سوريا وشغور رئاسة لبنان... صورةٌ بألف وجع وأزمة بين ضحايا حريق بغديدا وكنيسة برفيريوس، وآثار زلزال سوريا وشغور رئاسة لبنان... صورةٌ بألف وجع وأزمة | مصدر الصورة: مانويل بنا/الأب جبرائيل رومانيلّي/المطران أنطوان إلجيت/رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة

انطوى العام 2023. انطوى هو، ولكنّ الوجع الذي زرعه في نفوس مسيحيّي الشرق لن يمضي معه. انطوى العام 2023 وبقيت الأحزان مكتوبةً على جِباه مسيحيّي هذه المنطقة.

كصليبٍ ثقيلٍ على أكتافهم مرّ العام المنصرم. ضجّت ذاكرته القريبة بأحداثٍ سوداويّةٍ ما شهد عامٌ آخر بحجمها ووتيرتها. يذكّرنا العام 2023 بأجسادٍ محترقة، بنزوحٍ مخيف، بصلواتٍ محاصَرة، بقلوبٍ يخترقها الرصاص، بأنين تحت الأنقاض، بفراغ وتفريغ. يذكّرنا بأحداثٍ كثيرة حفرت في الوجدان المسيحي. فما أبرز تلك المحطّات؟

العراق بين حريقَيْن

على وقع تخبّط مسيحيٍّ بسبب أزمة سحب المرسوم الجمهوري من بطريرك الكنيسة الكلدانيّة لويس روفائيل ساكو، حلّت المصيبة الكبرى على مسيحيّي العراق في 26 سبتمبر/أيلول 2023. لم ينسَ هؤلاء جرح "داعش" حتى انفتح في قلوبهم جرحٌ أكبر وأعمق. حريقٌ التهم قاعةً للأعراس في بغديدا مخلّفًا أكثر من 132 ضحيّة وعشرات المصابين، ومُلبسًا البلدة وبيوتها وشاح الحزن الأسود.

لبنان بين فراغَيْن

على وقع تخبّط مسيحيٍّ بسبب أزمة الشغور في كرسيّ الرئاسة الأولى، لاحت معالم العنف في جنوب لبنان منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تاريخ اندلاع الحرب في الأراضي المقدسة. أعادت شظايا تلك الحرب إلى الذاكرة اللبنانية مشاهد مؤرقة من الحروب المتعاقبة. عاشت القرى المسيحيّة على طول الخطّ الحدودي حركة نزوحٍ غير مسبوقة منذ حرب يوليو/تموز 2006. في هذه القرى تفريغ مستمرّ، وفي القصر الجمهوري تفريغٌ مستمرّ.

سوريا بين حطامَيْن

على وقع ذيول الحرب وآثارها الثقيلة على المسيحيّين بسبب الحصار الاقتصادي المستمرّ، أفرغت الطبيعة غضبها في سوريا المتألّمة. لم تنفض البلاد عنها غبار الحرب، حتّى غطاها غبارٌ من نوع آخر. زلزالان عنيفان ضربا تركيا وسوريا فجر 6 فبراير/شباط 2023، وخلّفا في سوريا آلاف الضحايا والمصابين. همٌّ آخر وقع على رؤوس المسيحيّين -تحديدًا في حلب- وسط تضرّر الكنائس والبيوت.

الأراضي المقدّسة بين جلجثتَيْن

على وقع حصار مستمرّ يعيشه المسيحيّون في الأراضي المقدّسة، ارتسم الوجع الأكبر حيث العدد الأصغر. حربٌ قاسية في غزّة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول ضيّقت الخناق على قرابة 800 مسيحيّ في القطاع، يلجأ معظمهم في كنيسة العائلة المقدسة للاتين. جلجثتهم لم تنتهِ ولن تنتهي. قضى 18 منهم في قصف مبنى ملاصق لكنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، وسيّدتان قنصًا داخل أسوار كنيسة اللاتين. كما استُهدِف المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) التابع للكنيسة الأسقفيّة، ودُمِّر المركز الثقافي الأرثوذكسي. مسيحيّو تلك الأرض وحّدوا العالم على الصلاة من أجل السلام في موطن يسوع.

إذًا، في العام 2023 حروبٌ ونزوح وحرائقُ وزلازل... تتعدّد الأسباب والوجع واحد. وفي المحصّلة، مسيحيّون باقون في هذا الشرق، طووا بقوّة إيمانهم ورجائهم صفحة عامٍ مؤلم وفتحوا صفحة عامٍ جديد بدايته صلاة على نيّة أن يكون منسوب القهر فيه أقلّ من سلفه.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته