قصف مستشفى المعمداني في غزّة... إدانات كنسيّة واسعة

المستشفى الأهلي العربي «المعمداني» في غزّة بعد تعرّضه للقصف المستشفى الأهلي العربي «المعمداني» في غزّة بعد تعرّضه للقصف | مصدر الصورة: American Friends of the Episcopal Diocese of Jerusalem

قررت بطريركية القدس اللاتينية إغلاق مكاتبها حدادًا على أرواح الأبرياء الذين قضوا أمس باستهداف المستشفى الأهلي العربي «المعمداني» في غزّة.

ويأتي ذلك بعد تعرّض المستشفى مساء أمس للقصف، ما استدعى إدانات واسعة من رؤساء وسياسيين في الشرق الأوسط وحول العالم. 

وعلى  وقع الإدانات، تقاذَف كلٌّ من الطرفَين الفلسطيني والإسرائيلي كرة المسؤوليّة. فقد اتهمت مختلف الجهات الفلسطينيّة الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفى. وأكّد رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس أنّ ما حدث لا يمكن السكوت عنه، مضيفًا وفقًا لما نقلته قناة الجزيرة: «أيّ كلام غير وقف هذه الحرب لن نقبل به من أحد إطلاقًا». 

من جهتها، حمّلت إسرائيل المسؤولية لـ«حركة الجهاد الإسلامي»، إذ أشار متحدّث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية، على ما نقلت قناة دوتشيه فيليه، إلى أنّ صاروخًا أطلقته «الجهاد الإسلامي» باتجاه إسرائيل سقط على المستشفى بعد فشله في بلوغ هدفه. وفي زيارته اليوم إسرائيل، قال الرئيس الأميركي جو بايدن لرئيس الحكومة الإسرائيلية أمام الصحافة: «بناء على ما شاهدت، يبدو أنّ ما حدث ارتكبه الفريق الآخر وليس أنتم».

«جريمة ضد الإنسانيّة»

أدانت مطرانية القدس الأسقفية في بيان قصف المستشفى التابع لها بأشد العبارات، معربةً عن أسفها لحرمان أهل المدينة من الملاذات الآمنة. وكان الانفجار قد أوقع مئات الضحايا المدنيين.

ووصف بيان المطرانية الأسقفية ما حصل بـ«جريمة ضد الإنسانية» وبأنّ «الدمار إلى جانب استهداف الكنيسة وتدنيسها يضرب جوهر الإنسانية». وطلب البيان من المجتمع الدولي إدانة الفاعل ومعاقبته، مناديًا إياه بتحمل مسؤولياته في حماية المدنيين بقوة وعلى وجه السرعة، وضمان عدم تكرار مثل هذه الأعمال المروعة. 

تضامن بطاركة القدس ورؤساء كنائسها 

كما نعى بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس الضحايا المدنيين. وقالوا في بيان: «نتشارك بتضامن عميق مع أبرشية القدس الأسقفية لنكون شهودًا على الهجوم الإجرامي الذي وقع في أروقة مستشفى الأهلي الإنجيلي الأسقفي في غزة. حدثت هذه الجريمة المحزنة في اليوم نفسه الذي أعلن مسيحيو الأراضي المقدسة أنه يوم صوم وصلاة، يتوسّلون فيه إلى السماء من أجل السلام ووقف الحرب على غزة».

وأكّد البطاركة ورؤساء الكنائس أنّ ما حصل يمثّل انتهاكًا عميقًا لمبادئ الإنسانية نفسها. وتابعوا: «لقد جرى تدنيس المستشفيات التي تُعدّ ملاذًا مقدّسًا بموجب القانون الدولي من قبل القوات العسكرية». وأملوا من المجتمع الدولي أن يتحمّل واجبه المقدس في حماية المدنيين وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم البغيضة.

البطاركة والمشاركون في السينودس

أعلنت الأمانة العامة لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان أنّ البطاركة والأساقفة والعلمانيين المشاركين من الشرق الأوسط في سينودس «من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة» بالفاتيكان يدينون بشدّة «العملية الإجرامية على المستشفى المعمداني». وأضافت الأمانة في بيان أنهم يصلّون «من أجل راحة نفوس الضحايا، وعزاء أهلهم، وشفاء الجرحى، ويضرعون إلى الله كي يمسّ الضمائر لوقف هذه الحرب المدمّرة وسواها، وإحلال السلام بين الشعوب».

واعتبر المشاركون في السينودس أنّ «من حقّ الأبرياء في العالم أن يعيشوا بأمان ويحقّقوا ذواتهم بحسب تدبير الله الخلاصي». وناشدوا الأسرة الدولي العمل الجدّي على إحلال السلام في الشرق الأوسط والعالم واحترام الحياة البشرية وقدسيّتها. 

استنكار العبسي

من جهته، أشار بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي إلى أنّ «مثل هذه الانتهاكات تتخطى جرائم الحرب وتصل إلى حدود الإبادة الجماعية الممنهجة». وطالب العبسي المجتمع الدولي بالتدخل السريع ووقف المجازر بحق الشعوب المضطهدة. ودعاه إلى عدم ازدواجية المعايير ومحاكمة المجرمين، والتحرك العاجل لإفساح المجال من أجل إدخال المساعدات إلى القطاع.

رفض تحويل غزّة إلى مقبرة جماعيّة

كما دان رئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام في لبنان المطران أنطوان نبيل العنداري ومدير المركز الكاثوليكي للإعلام الأب عبدو أبو كسم في بيان «العدوان الإسرائيلي المتمادي على المدنيين الآمنين». واعتبرا أنّ «الجريمة المروّعة والصادمة التي استهدفت مستشفى المعمداني في قطاع غزة تتنافى مع أبسط قواعد الرحمة، وتشكّل انتهاكًا فاضحًا للمبادئ الإنسانية وللقوانين الدولية».

المزيد

ودعت اللجنة والمركز إلى «وقف إراقة الدماء البريئة، مؤكّدَين التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني وحقه في العودة وفي إقامة دولته المستقلة». ووجّها نداءً لتكثيف الصلوات وتوسّل الربّ يسوع «ليحل السلام العادل والدائم على الأرض المقدسة بدءًا بفلسطين وصولاً إلى لبنان».

شموع في كنيسة المهد 

دعت مجموعة كشاف تراسنطة الكاثوليكية في بيت لحم جميع المجموعات الكشفية والمؤسسات الأهلية والخاصة وأفراد المجموعة وأهاليهم إلى وقفة تضامنية وإضاءة شموع في ساحة كنيسة المهد. 

ويُذكر أنّها ليست المرة الأولى التي يُستهدف المستشفى الأهلي العربي. فقبل أيام، اتّهم رئيس أساقفة الكنيسة الأسقفية حسام نعوم إسرائيل بقصف المستشفى، مؤكدًا تعرّض طابقين للخراب الجزئي. وتعرضت غرفة التصوير فوق الصوتية والتصوير الشعاعي للكشف عن السرطان للخراب، وأصيب أربعة أشخاص بشظايا.

مناشدة من منظّمة الصحة العالميّة

بدورها، دانت منظمة الصحة العالمية قصف المستشفى، مشيرةً إلى وجود نازحين فيه والطاقم الطبي والمرضى. وكشف بيانها أنّ المستشفى الأهلي العربي واحد من بين 20 مستشفى في شمالي قطاع غزة أصدر لها الجيش الإسرائيلي أوامر بالإخلاء، لكنّ تنفيذ ذلك كان مستحيلًا. وناشد مدير المنظمة تيدروس أدحانوم الجهات المعنية السماح بإدخال المساعدات الطبية إلى القطاع. 

(تستمر القصة أدناه)

وفي سياق متصل، أفاد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك بمقتل ستة أشخاص بعد تعرّض مدرسة تضمّ 400 نازح تابعة للأونروا في مخيم المغازي للاجئين إلى القصف. 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته