مسيحيّو الحدود اللبنانيّة يصرخون... الكنيسة تتحرّك والفاتيكان يبارِك

السفير البابويّ في لبنان يزور بلدة عين إبل الجنوبيّة الحدوديّة، لبنان السفير البابويّ في لبنان يزور بلدة عين إبل الجنوبيّة الحدوديّة، لبنان | مصدر الصورة: Ain Ebel, Our Heaven

صورةٌ جديدة اخترقت ضجيج الاشتباكات التي تؤرق القرى المسيحيّة على طول حدود لبنان الجنوبيّة. قصد السفير البابوي في لبنان المونسنيور باولو بورجيا قبل يومين بلدات دبل ورميش وعين إبل، الرعايا الحدوديّة في قضاء بنت جبيل. إليها وصل بورجيا متفقّدًا أحوال سكّانها الصامدين، وحاملًا البركةً البابوية وجرعة دعم وأمل في ظلّ أزمةٍ أرخت بثقلها على يوميّاتهم المعيشيّة.

ليس مسيحيّو القرى الحدوديّة في أفضل حال. خسرت تلك البلدات معظم سكّانها بفعل الاشتباكات اليوميّة على أطرافها، وذيول الحرب المشتعلة في الأراضي المقدّسة. رفع من بقي منهم الصوت ناقلًا حجم المعاناة عبر «آسي مينا»، فوصلت الصرخة وتدخّلت الكنيسة.

السفير البابويّ في لبنان يصلّي في كنيسة السيدة-عين إبل، لبنان. مصدر الصورة: Ain Ebel, Our Heaven
السفير البابويّ في لبنان يصلّي في كنيسة السيدة-عين إبل، لبنان. مصدر الصورة: Ain Ebel, Our Heaven

قبل أيّام، شكا رئيس بلديّة رميش الحدوديّة المسيحيّة ميلاد العلم عبر «آسي مينا» الإهمال الذي يعانيه السكّان الصامدون في البلدة. وقال: «وضعنا كارثيّ. نحن اليوم متروكون لمصيرنا. لم يسأل عنّا أحدٌ حتّى الساعة، لا من المسؤولين السياسيّين ولا من نوّاب المنطقة، ولا حتى من الكنيسة». مضيفًا: «نعاني نقصًا حادًّا في المواد الغذائيّة وفي الموارد التي تمكّننا من شراء حاجيّاتنا. كيف سنصمد وبتنا نبحث عن رغيف خبز وماءٍ وكهرباء؟».

وفي ظلّ غياب الدولة والشلل الذي تعيشه البلاد بسبب شغور موقع الرئاسة الأولى وعدم اجتماع حكومة تصريف الأعمال، لم يبقَ لمسيحيي الحدود سوى الاستنجاد بالكنيسة، أمّهم ومرجعهم الروحي. صرخة الاستغاثة التي نقلتها «آسي مينا» وصلت إلى عمق الكنيسة المارونيّة، فتدخّل البطريرك بشارة بطرس الراعي من الفاتيكان بعدما كان مشاركًا في أعمال السينودس عن السينودسيّة.

السفير البابويّ في لبنان يزور مدرسة القلبين الأقدسين-عين إبل الجنوبيّة الحدوديّة، لبنان. مصدر الصورة: Ain Ebel, Our Heaven
السفير البابويّ في لبنان يزور مدرسة القلبين الأقدسين-عين إبل الجنوبيّة الحدوديّة، لبنان. مصدر الصورة: Ain Ebel, Our Heaven

فقد نشرت بلدية رميش على صفحتها في فيسبوك بيانًا أكّدت فيه أنّ «الكنيسة لم تكن يومًا بعيدة عن أبنائها، وكذلك كهنة رميش الذين صمدوا مع الأهالي منذ بداية هذه الحرب، كما الجمعيات الأهلية والخيرية والروحية التي تعمل في رميش وتبذل الجهود لمساعدة أهالي البلدة».

وأشار البيان إلى أنّه «بتوجيه من البطريرك، تحركت جميع المؤسسات والجمعيات، تربوية وصحية واجتماعية وخيرية وروحية، لمساعدة أهالي البلدات التي تعرضت للقصف والنزوح. كما طلب الراعي من رئيس بلدية رميش، بعدما تواصل معه، إعداد تقرير كامل عن أوضاع رميش وباقي البلدات المسيحية لتقديمه إلى الحبر الأعظم. وقد جرى إعداد التقرير وإرساله إلى البطريرك».

من جهتها، وضعت كاريتاس-لبنان خطًّا ساخنًا لطلب المساعدة، وبدأت الاتصال بجميع العائلات النازحة لاستطلاع حاجاتها تمهيدًا لتوفير المساعدات، وتقديم أماكن للسكن داخل الأديار حيث جرى تأمين المستلزمات.

بلدة رميش الجنوبيّة الحدوديّة، لبنان. مصدر الصورة: صفحة رميش
بلدة رميش الجنوبيّة الحدوديّة، لبنان. مصدر الصورة: صفحة رميش

وأكّدت البلديّة أنّ راعي أبرشية صور المارونية المطران شربل عبدالله زار البلدات أكثر من مرة حاملًا مساعدات مادية، وصاحبًا معه ممثلين عن جمعيات خيرية لاستطلاع حاجات الأهالي. بدورها، عاجلت الرابطة المارونية لتأمين مستلزمات للمستشفى الميداني وأدوية ومساعدات غذائية وغيرها. كما حضر فرسان مالطا مع الفريق الطبي والصيدلي المرافق لخدمة أهالي المنطقة، على ما جاء في البيان.

وكانت بلدة رميش تلقّت أخيرًا مساعداتٍ من المؤسّسة المارونية للانتشار عبارة عن وحدات غذائيّة وماكينات أوكسيجين للمستشفى الميداني. وزار رئيس المؤسسة شارل الحاج البلدة مرافقًا السفير البابوي في رحلته التفقّدية.

تجدر الإشارة إلى أنّ بلدات رميش وعين إبل ودبل والقوزح هي القرى المسيحيّة الحدوديّة الأربع التي تشكّل ما يُعرَف بـ«المربّع المسيحيّ» في قضاء بنت جبيل، جنوبيّ لبنان. ولا تعفي الاشتباكات أطراف هذه البلدات المسيحيّة المتاخمة للشريط الأزرق، شأنها شأن بلدات حدوديّة أخرى.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته