زمن الصوم الكبير في ليتورجيا كنيسة المشرق

زمن الزهد والصلاة لتوثيق الصلة بالربّ زمن الزهد والصلاة لتوثيق الصلة بالربّ | مصدر الصورة: Peter Cripps/Shutterstock

يدعونا دخولنا «زمن الصوم الكبير»، زمن الزهد والقطاعة، إلى التوبة والتواضع لله وطاعته والسير بحسب شرائعه والعمل بفرائضه؛ تاركين ملذّات العالم الفانية ومنقطعين للصوم والصلاة، وساعين إلى توثيق الصلة بخالقنا.

يقدّم المطران جاك إسحق دراسةً طقسية تحليليّة للسنة الطقسيّة المشرقيّة في كتابه «الصلاة الليتورجية على مدار السنة الطقسية لكنيسة المشرق الكلدانية -الآثورية». ويحاول استقراء شيء من تاريخ نشوء زمن الصوم الكبير الطقسيّ في خلال القرون المسيحيّة الأولى والعناصر التي ساهمت في تكوينه، كما نمارسه في يومنا هذا.

يرى إسحق «إعداد المؤمنين للاحتفال بعيد القيامة المجيد» أوّل تلك العناصر. فيشرح أنّ نهار الأحد كان «عيد القيامة الأسبوعيّ في القرنَين الأوّلَين»، وتواصل احتفال المسيحيّين بقيامة الربّ هكذا حتى القرن الميلادي الرابع.

الرغبة في احتفالٍ سنويٍّ متميّز بعيد القيامة والناشئة مطلع القرن الثالث، ترجمها لاحقًا مجمع نيقية (سنة 325 م) بقرار آباء الكنيسة تعيين الأحد الذي يلي بدر الربيع موعدًا للعيد، بحسب إسحق.

بعد هذا القرار، ارتأت الكنيسة إعداد المؤمنين لهذا الحدث المركزيّ المسيحيّ، بالصيام قبل العيد «وكان الصيام في بداية الأمر يدوم ثلاثة أيام». وإذ دأب المسيحيّون منذ البداية على صيام يومَي الأربعاء والجمعة أسبوعيًّا طيلة أيام السنة، «تطوّر الصوم الذي يسبق عيد القيامة في مرحلة ثانية ليشمل الأسبوع الذي يلي أحد السعانين».

تطوَّر زمن الصوم الكبير، من حيث عدد أسابيعه، أواخر القرن الرابع، من أسبوع إلى ثلاثة ثم أربعة أو سبعة أسابيع «حتى بلغ أربعين يومًا، ليكون هذا العدد امتدادًا لتقليد الكتاب المقدّس؛ فموسى وإيليا ويسوع صاموا أربعين يومًا».

وإذ شهدت الفترة ذاتها ازدهار مراسم إعداد الموعوظين لنيل المعموديّة عشية عيد القيامة، يطرح إسحق «إعداد الموعوظين لنيل العماد عشية عيد القيامة» كعنصرٍ ثانٍ مساهم.

وعن ارتباط هذا الصوم بهذا الإعداد فسّر أنّه «كان على الموعوظين في خلاله "الصوم" الحضور يوميًّا إلى الكنيسة للاستماع إلى تفسير قانون الإيمان وتلقين مبادئ الأخلاق المسيحيّة والتدريب على الصلاة الربّية وغيرها من الصلوات، والاستماع إلى شرح أسرار الكنيسة، بخاصة أسرار التنشئة: العماد والتثبيت والقربان المقدس».

فيما وجد «إعداد التائبين لنيل الغفران عشيّة عيد القيامة» ثالث العناصر. إذ كان التائبون يعملون أعمال التوبة في فترة الصوم الكبير، «تطورت في خلال الفترة ذاتها مراحل التوبة العلنية، بخاصة مرحلة إعداد الخطأة-التائبين لنيل رتبة المصالحة والغفران، التي كانت تجري مساء سبت النور في كنيسة المشرق».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته