البابا فرنسيس والسينودسيّة والجدالات الداخليّة

البابا فرنسيس يُشارك في جمعيّة عامّة من الدورة الثانية لسينودس الأساقفة «من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة»، في قاعة بولس السادس-الفاتيكان بشهر أكتوبر/تشرين الأوّل 2024 البابا فرنسيس يُشارك في جمعيّة عامّة من الدورة الثانية لسينودس الأساقفة «من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة»، في قاعة بولس السادس-الفاتيكان بشهر أكتوبر/تشرين الأوّل 2024 | مصدر الصورة: فاتيكان ميديا

وضع البابا الراحل فرنسيس «السينودسيّة» في صلب الحياة الكنسيّة، وكان هذا القرار من أهمّ المشاريع في خلال حبريّته.

رأى الأب الأقدس في سينودس الأساقفة فرصةً لبناء أسُس كنيسة تُصغي بشكلٍ أكبر، فاعتمد مبدأ «الهرم المقلوب» ووضَعَ شعب الله رأسًا للهرم ونقطة انطلاق، ورفَعَ مكانة الأمانة العامّة للسينودس.

وخاف كثيرون أن تبتعد مقاربة فرنسيس عن رؤية البابا القدّيس بولس السادس لسينودس الأساقفة. وظنّوا أنّ الأمر قد يؤدّي إلى تقويض سلطة روما، وزيادة الاضطراب بين المؤمنين، وفتح بابٍ لتغيير تعاليم الكنيسة في مجالاتٍ عدّة.

وغطّت جمعيّات السينودس التي دعا إليها البابا فرنسيس مواضيع متعدّدة مثل الأسرة والزواج والشباب والأمازون. كما تخلّلتها مطالبات حرّة وغير مُقَيَّدة بشمّاسيّة المرأة وتغيير قواعد الانضباط في الكنيسة لكي تتماشى مع الواقع الرعويّ الجديد.

اضطرابات سينودسيّة

وبعد السينودس عن العائلة، رأى الناقدون أنّ الإرشاد الرسوليّ «فرح الحبّ» يُهيّئ الأرضيّة من أجل السماح للأشخاص المطلّقين والمتزوّجين مدنيًّا بالتقدّم من سرّ المناولة. وتلقّى البابا سنة 2016 خمسة أسئلة على شكل لائحة شكوك، «دوبيا»، من أربعة كرادلة، فلم يُجب عليها. وسنة 2023، ردَّ رئيس دائرة عقيدة الإيمان الجديد الكاردينال فيكتور فرنانديز على «دوبيا» لاحقة ارتبطت بالسينودس عن السينودسيّة.

وفي تلك السنوات، استمدّ بعض الكاثوليك العلمانيّين الألمان، بدعم من معظم أساقفة بلادهم، الإلهام من نهج البابا، فأطلقوا مسيرتهم السينودسيّة الخاصّة للمطالبة بتغييرات في تعاليم الكنيسة حول عزوبيّة الكهنة واتّحاد المثليّين ورسامة المرأة للكهنوت. وواجه فرنسيس عدم تأييد من بعض الأساقفة المحافظين الخائفين من غموضه العقائديّ، وتعامله مع أزمة الاعتداء الجنسيّ، وغيرها.

مراسيم أثارت جدلًا

وأثار فرنسيس أيضًا جدلًا في تعامله مع المجتمعات الكاثوليكيّة المتمسّكة بالقدّاس اللاتينيّ التقليديّ. فصدم محبّي هذه القداديس بمرسوم صدر عام 2021، «حرّاس التقليد»، قيّد فيه هذه الاحتفالات.

وأحدثت وثيقة صدرت نهاية عام 2023 عن الكاردينال فرنانديز، بعنوان «الثقة المتوسّلة»، اضطرابًا كبيرًا، إذ فُتِحَ المجال فيها لإعطاء بركة غير ليتورجيّة للأزواج المثليّين ومَن هم في وضع «غير منتظم».

وأثارت «الثقة المتوسّلة» خلافاتٍ حادّة بين أساقفة العالم. وفي بيان رسميّ، أوضح الأساقفة الأفارقة، بغالبيّتهم، أنّ «المرسوم ضَعضع أذهان العديد من المؤمنين العلمانيّين والمُكرّسين وحتّى الكهنة».

السينودس عن السينودسيّة

ولم يفسح فرنسيس مجالًا لكي تكون الانتقادات بمثابة رادعٍ له. إذ أنشأ، من خلال رؤيته لكنيسة سينودسيّة، عمليّة تشاوريّة عالميّة امتدّت من عام 2021 حتّى 2024. وكان واضحًا وحاسمًا في مواضيع رئيسة من تعاليم الكنيسة. فمن خلال مرسوم عام 2024 بعنوان «الكرامة اللامتناهية»، الصادر عن دائرة عقيدة الإيمان، كرّر تعاليم الكنيسة الثابتة حول كرامة الإنسان.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته