علّية صهيون… مكان العشاء الأخير والعنصرة في التاريخ المسيحيّ

قاعة العشاء الأخير ليسوع مع تلاميذه على جبل صهيون في بلدة القدس القديمة-الأراضي المقدّسة قاعة العشاء الأخير ليسوع مع تلاميذه على جبل صهيون في بلدة القدس القديمة-الأراضي المقدّسة | مصدر الصورة: Annik Susemihl/ Shutterstock

في مدينة القدس موقع ديني وتاريخي شهير يسمّى «علّية صهيون». فهو يُعدّ المبنى الأول للكنيسة، إذ منه انطلق التبشير بالمسيحية إلى مختلف أرجاء العالم فكان شاهدًا على ولادة الكنيسة وبداية رحلة الإيمان. كما شهد أحداثًا مهمة عدة في التاريخ المسيحي.

ذُكِرَت «العلّية» في العهد الجديد، إذ فيها تناول المسيح عشاءه الأخير وغسل أرجل تلاميذه وحلّ الروح القدس على الكنيسة المجتمعة يوم العنصرة. ويتّسم المكان بأهمية كبيرة في العقيدة المسيحية؛ فهناك أسّس يسوع في العشاء الأخير كلًّا من سرَّي القربان والكهنوت. كما عُقِدَ فيه المجمع الأول للرسل.

تقع «علّية صهيون» خارج أسوار مدينة القدس، وتحديدًا في الناحية الجنوبية الغربية من البلدة القديمة. وسمّيت بهذا الاسم نسبةً إلى جبل صهيون الذي يطلق الناس عليه أحيانًا «جبل النبي داود»، وهو واحد من الجبال الأربعة التي بُنِيَت عليها المدينة المقدّسة إلى جانب جبال موريا وأكرا وبزيتا. وهذه الأسماء، ومنها صهيون، قديمة جدًّا، ولا علاقة لها بأي حركة سياسية نشأت في العصور الحديثة.

سطح الغرفة العلويّة «لعلّية صهيون» في بلدة القدس القديمة–الأراضي المقدّسة. مصدر الصورة: Xamnesiacx84/ Shutterstock
سطح الغرفة العلويّة «لعلّية صهيون» في بلدة القدس القديمة–الأراضي المقدّسة. مصدر الصورة: Xamnesiacx84/ Shutterstock

يُثار كثير من الجدل والخلاف حول طبيعة هذا المكان المقدّس. فبالإضافة إلى قدسيّته ومكانته التاريخية لدى المسيحيين، يعتقد اليهود أنّه يضم قبر الملك داود. كما بنى المسلمون فيه مسجدًا، لكنّه لم يعد يُستَخدم بهذه الصفة. وبسبب التعقيدات الدينية والسياسية، لا يستطيع المسيحيّون الاحتفال بالذبيحة الإلهية فيه إلا مرتين بالسنة، هما يوم خميس الأسرار والعنصرة.

يُذكر أنّ البابا فرنسيس زار المكان في خلال جولته الأولى بالشرق الأوسط من 24 إلى 26 مايو/أيّار 2014. في تلك المناسبة، قصد الأب الأقدس «العلّية» واحتفل فيها بالذبيحة الإلهية. ويُنقَل عن الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، قوله في تلك المناسبة، وذلك قبل تعيينه بطريركًا على المدينة المقدّسة، أنّ جبل صهيون بالنسبة إلى المسيحيين، هو المكان الثاني المقدّس بعد قبر المسيح. وأضاف: «لا نريد تحويل القاعة العليا إلى كنيسة ولا نطالب بملكيتها، بل نريد فقط حقّ الصلاة فيها».

وتجدر الإشارة إلى أنّ الأوساط الشعبية في بلاد الشام ومنها فلسطين، ما زالت تستخدم لفظ «علّية» حتّى يومنا هذا. وتدلّ من خلالها على الجزء العالي من بناء مؤلّف من طابقين، أو الغرفة المرتفعة عن محيطها، المُستَخدَمَة لتناول الطعام.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته