كيف نفهم الصوم تشبُّهًا بالملائكة في فكر مار عبديشوع الصوباويّ؟

الصوم والصلاة والرحمة هي أسُس الفضائل الواجبة لمخافة الله لدى الذين يؤمنون بالقيامة الصوم والصلاة والرحمة هي أسُس الفضائل الواجبة لمخافة الله لدى الذين يؤمنون بالقيامة | مصدر الصورة: 9dream studio/Shutterstock

لا خلاف على أنّ عبديشوع الصوباوي هو واحد من أبرز أعلام كنيسة المشرق. فقد قدّم في خلال القرنَين الثالث عشر والرابع عشر كثيرًا من الكتب والمؤلَّفات في مجالات كنسيّة شتى. وأشهر هذه المؤلَّفات كتاب «الجوهرة» الذي وضعه بناءً على طلب البطريرك يهبالاها الثالث المغولي (+1318) كمنهاجٍ للتعليم المسيحيّ الرسميّ في كنيسة المشرق، محافظًا فيه على التقليد المشرقيّ الأصيل.

في باب «الصوم والصلاة والصدقة»، يَعتبر الصوباوي أنّ الصوم والصلاة والرحمة هي «أسُس الفضائل الواجبة لمخافة الله لدى الذين يؤمنون بالقيامة، فيواظبون عليها على رجاء العالم العتيد»، ولكن «شرط أن تُمارس بروح الإنجيل، وليس لسبب آخر».

ويستشهد الصوباوي بقول أحد الحكماء «إنّ الصوم أفضل من كلّ اختلاء، والصلاة أفضل من كلّ عمل، أمّا الرحمة فهي تشبُّه بالله». ويصنّف الصوم في «جوهرته» في نوعَين: «الخارجي، وهو الانقطاع عن الطعام، والباطني وهو الانقطاع عن الشرور».

ويرى في الصوم، دافعًا للأغنياء «ليرحموا بعدما ذاقوا بأنفسهم مرارة الجوع والعطش وشعروا بما يعانيه الفقراء»، إلى جانب كونه «مقدِّسًا للحواس ومنزِّهًا للقوى، وهو تشبُّه بالملائكة».

أما الصلاة فهي لدى الصوباوي «مفتاحٌ لكنوز الله»، مُوردًا قول أحد الآباء «يا بني، عندما تصلّي تتحدث إلى الله، وعندما تقرأ في الكتاب المقدس فالله يتحدث إليك».

نجد الارتباط وثيقًا لدى عبديشوع بين الصوم والصلاة والصدقة التي يسميها «الرحمة» ويعدّها تشبّهًا بالله و«فرصة لنا، نحن تلاميذ يسوع، لنظهر حكمتنا، فنرسل إلى السماء الأشياء المحبوبة والجليلة عندنا بواسطة المحتاجين، وبها نفرح ونسعد بلا حدّ»؛ فنعمل بكلام ربّنا «لا تكنِزوا لكم كنوزًا على الأرضِ... بلِ اكنِزوا لكم كنوزًا فِي السّماءِ... لأنّه حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا».

ويختم معتبرًا أعمال الرحمة ضيافةً للملائكة (عب 13: 2) «ولا توجد طريق أخرى سواها تقود الأغنياء إلى الله، كما يشهد الأنبياء والرسل».

لعلّنا نتساءل: هل يحتاج الله إلى صومنا وصلاتنا وصدقاتنا؟ لو تأمّلنا سنفهم حاجتنا للعودة إلى الله عبر الأصوام والصلوات والتأمّل في كلمة الله، لا سيّما في هذا الزمن المخصَّص للتوبة. إنها دعوةٌ للمؤمنين لمراجعة ذواتهم وتطهيرها، والسعي إلى تصحيح المسار والعودة إلى الله أبينا مجتهدين في ترسيخ علاقتنا به ومصالحتنا مع القريب.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته