وردة يشرح تحدّيات العائلة المسيحيّة الناشئة أمام الفكر المعاصر

المطران بشار وردة المطران بشار وردة | مصدر الصورة: AYM 2023

لطالما شكّلت العائلة الركيزة المؤسِّسة لأي مجتمع، ويعتمد مستقبله على ثباتها وديمومتها. ففيها يولد الإنسان وينشأ ويحظى بالدعم المادي والمعنوي والنفسي، وفيها يتلقى دروسه الأولى في الديانة والأخلاق والقِيَم، ليخرج إلى الحياة إنسانًا ناضجًا يسلك بالحكمة ويتعامل بالمودة.

لكنّ هذه المؤسّسة العريقة عُرضة اليوم لتحديات اجتماعية واقتصادية ونفسية وإعلامية تهدد سلامة العلاقات بين أفرادها. وهناك مؤشرات خطيرة لهذه التأثيرات كما أوضح المطران بشار متي وردة راعي إيبارشية أربيل الكلدانية في حديث خاص إلى «آسي مينا».

 استنكر وردة «تزايد حالات التعنيف اللفظي والجسدي والجنسي، والإدمان على الكحول أو برامج التواصل الاجتماعي، فضلًا عن ازدياد عدد طلبات بُطلان الزواج». وأشار إلى عاملَين أساسيَّين مؤثّرَين في تعثّر مسيرة أي عائلة مسيحية ناشئة، أولهما تأثير المجتمع الذي لا يقتصر على تدخل الأهل أو المعارف في حياة العائلة الناشئة، وثانيهما الإعلام الربحي الجشع. 

وفي هذا الصدد، أوضح وردة أنّ «مجتمعنا لا يزال يعدّ العائلة مرجعية أساسية، يبقى الشاب والشابة في كنفها لحين الزواج وبعده أحيانًا، ودورها محوري في تشكيل شخصية الفرد وأفكاره وقيمه التي يجب أن تتماشى مع قيم المجتمع». وبيّن أنّ نظرة الآخرين ورأيهم يضعان العائلة أمام تحدٍ عسير لإرضائهم، «ففي مجتمع يضع رضى الناس أولويةً، يواجه النشء الجديد، أطفالًا ومراهقين، معضلة اجتماعية حقيقية ما بين مجتمع يريدهم خاضعين لقيمه، ومجتمع افتراضي في هواتفهم المحمولة يحثّهم على الاستقلالية والتعبير الحر عن الذات».

وتابع: «المؤسف هنا أنّ السلوك المقبول من الفرد ليس الصحيح أخلاقيًّا، بل المرضي مجتمعيًّا. وفي أجواء مماثلة، يزدهر النفاق المتبادل وتنتعش ثقافة "السيلفي" وتطغى "الأنا"».

وعلى صعيد متصل يرى وردة في الإعلام الربحي الجشع العامل الثاني المؤثِّر سلبًا على حياة الأسرة. «فالشاب والشابة يضعان في حساباتهما صورة علاقتهما في عيون الآخرين، وكأنّ قصة حبّهما غدت شأنًا عالميًّا. فيصوران كل لحظة فيها، ويضيّعان وقتًا يحتاجان إليه ليتعارفا ويفهما بعضهما بعضًا، في التفاهات».

ووسط أوضاع اقتصادية حرجة عالميًّا، لا محليًّا فحسب، قد لا يتشجع الشباب على مغامرة بناء عائلة، خصوصًا أمام تجارب أقرانهم المفعمة بالمشاحنات والنزاعات والعنف بأنواعه. لكنّ بناء عائلة مسيحية متماسكة ملتزمة بعهدِ الزواج وفق إرادة الله، أساسه «تثبيت قيم الاحترام والإخلاص والالتزام كأولوية، مع أهمية الحوار بكل تعاطف وتفهّم كأصدقاء حقيقيين، متجنّبين السخرية والعنف بأنواعه»، على حد تعبير وردة. 

وشدد وردة على أهمية «التعهد بإنجاب الأطفال، وقبول العطية بفرح وقتما يمنحها الله، وتعليم الأولاد وإرشادهم في عائلة تحترم خصوصيتها كما تحترم الآخرين وخصوصيتهم». وخلص إلى أنّ الأهم «قبول دعوة الله مؤمنين بأنَّ البيت هو الكنيسة الأولى التي يختبر فيها الطفل محبة الله».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته