مريم العذراء في فكر الملفان نرساي

فسيفساء مريميّة فسيفساء مريميّة | Provided by: ROMAN ODINTSOV via Pexels

بأسلوبٍ شعري رائع، يقدّم نرساي الملفان تعليمه المتضمّن تلك الصورة الواقعيّة عن العذراء مريم في طرحٍ لاهوتي وروحي أساسه الكتاب المقدّس، تمتزج فيه الصورة والكلمة والنغم الموسيقي، فضلًا عن تفسيره الكثير من أسفار الكتاب المقدّس وتأليفه رتبة قدّاسٍ مفقودة وما قدّمه من شعرٍ ونثرٍ في تراتيل وطلبات وميامر أغنت الليتورجيّة المشرقيّة على مدار السنة. 

على غرار الآباء الأوائل، نجد لدى نرساي شكلًا بسيطًا جدًّا للتعبير عن الإيمان، يحوّل معطيات من الإنجيل إلى صلوات ينظمها كأشعار، فـ«بمجرّد أن نغمض أعيننا ونسمع هذه الكلمات وإيقاعاتها، نحسّ أنفسنا في ملامسة مع هؤلاء الأشخاص ونتأثر بما يقولونه»، وفق كتاب «مدخل إلى اللاهوت المريمي في تراث الكنيسة الكلدانيّة» للبطريرك الكلداني لويس روفائيل ساكو.

من هو نرساي؟

أبصر نرساي النور قرابة العام 413 في قرية «عين دلبي» غير البعيدة عن دهوك، شمالي العراق. وتلقّى علومه في مدرسة الرها الشهيرة على مدى عشر سنوات ثمّ استكملها في نصيبين. عبّر عن عجزه أمام سرّ تدبير الله العجيب؛ «صغيرٌ فمي ليتكلَّم عنك، وضعيفٌ لساني ليعبّر عن سرّك، وعاجزٌ صوتي وكلماتي عن الحديث في خبرك».

البشارة الجديدة والبتوليّة

يشدّد نرساي على بتوليّة مريم، معتبرًا أن حبلها قد تمّ عبر السمع؛ «بشارة جديدة زرع جبرائيل في أذني مريم. حَبَلٌ جديدٌ ليس معتادًا في زرع البشر… في الشهر الأوّل، زرع جبرائيل الحَبَلَ في أذنيها، فنمت سنبلة الحياة في التاسع... ليغسل مرارةً زرعها الشرير في أذن حوّاء… في أذن حوّاء، زرع المتمرّد مرارة الموت، وفي إذن مريم، أعلن الملاك قول الشكر».

ويركّز على هذا المعنى في حوارات شعريّة بين الملاك جبرائيل والعذراء مريم التي تستغرب «كيف البتول تلد؟» ليوضح: «حبلت البتول من دون زواج ولا علاقة زوجيّة، إنما بقدرة الروح، أزال الظن من فكرها، وسهّل الأمور التي تعسر على الطبيعة».

وتعود مريم في حوارٍ آخر إلى التساؤل: «متى سُمِعَ أن فتاةً فقيرة تَلِدُ ملكًا؟»، فيجيبها الملاك: «هذه النعمة لكِ وحدكِ أُعطيَت… وَلَدْتِ ملكًا عظيمًا، وفقرُكِ بابنك يغتني».

حوّاء الأولى وحوّاء الجديدة

يقارن نرساي في أحد أشعاره بين حوّاء الأولى ومريم التي يعدّها حوّاء الجديدة: «بابنة البشـر، بدأ المـوت يفسـد... وبابنة البشـر، بدأت الحياة تتجدّد». ويوضح المعنى في بيت آخر: «بحوّاء، أفسد عدوُّ الإنسـان البشـر... وبابنة البشر، صادتنا المراحم روحيًّا».

يمكننا القول إن نرساي الملفان يعطينا خلاصةً جميلة توضح تعليمه المقارن بين حوّاء ومريم في البيت الآتي: «تلك ألبسَتْنا ثوبًا مصنوعًا من أوراق... وهذه ألبسَتْنا حلّة المجد غير الفاسدة».

 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته