مريم العذراء في فكر أفراهاط الحكيم

أيقونة مريم العذراء أيقونة مريم العذراء | Provided by: Ron Lach via Pexels

لا نجد للعذراء مريم صورًا أو أيقونات في تراث كنيسة المشرق، ما عدا بعض المنمنمات التي تتضمّنها المخطوطات القديمة، وفق كتاب «مدخل إلى اللاهوت المريمي في تراث الكنيسة الكلدانيّة» للبطريرك الكلداني لويس روفائيل ساكو.

في الفكر المريمي المشرقي المتّسم بالواقعيّة والبساطة، تمثّل مريم الطريق الذي يؤدّي إلى المسيح، فهي مثال الخلاص بكونها أمًّا حلّ عليها الروح القدس، فملأها نعمةً. وقد تجاوبت مع هذه النعمة بروح المؤمنة الواعية، فكانت المُدبِّرة الحكيمة والخادمة الأمينة التي عكست وجه الله المحبّ للبشر، واستحقّت الطوبى، «فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِي لأَنَّ القَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ» (لو 1: 48-49).

يُعَدُّ أفراهاط من آباء كنيسة المشرق العظام، ولفرط تعمّقه في الكتاب المقدّس روحيًّا ولاهوتيًّا، لُقِّبَ بالحكيم. عاش في القرن الرابع (270-345) ودوّن تعليمه في 23 مقالة (ܬܚܘܝܬܐ-بيّنة)، تناول فيها محاور عدّة، وفق الكتاب السالف الذكر.

وبالرغم من كون أفراهاط أوّل من ذكر مريم بين آباء كنيسة المشرق، فهو لا يخصّها ببحثٍ لاهوتي إذ إن تعليمه يرتكز على المسيح. وفي السياق عينه، يرد ذكرها وما ورد عنها من معلومات بسيطة في الإنجيل، مستقيًا منه صفاتها: أمّ يسوع، بنت داوود، البتول، ومشدّدًا على كونها الطوباويّة التي نالت حظوة عند الله.

يقول أفراهاط إن «مريم، أمّ النبي العظيم، كانت نبيّة»، شارحًا: «حين جاء إلينا، لم يكن له شيء أخذه من عندنا، ولم يكن لنا شيء أخذناه منه... فحين بشّر جبرائيل الطوباويّة مريم التي ولدته، حمل الكلمة من العلى وجاء، والكلمة صار جسدًا وحلّ فينا». ويقول أيضًا: «وُلِدَ يسوع المسيح من مريم التي هي من نسل داوود، ومن الروح القدس»، و«هو الابن البكر وابن مريم»، معتبرًا أن يوسف قد دُعِيَ أباه، بدون أن يكون من زرعه في إشارة إلى بقاء مريم بتولًا، مستشهدًا بما ورد في سفر أشعيا (أش 7: 14) وإنجيل متى (مت 1: 23). 

ويشير أفراهاط إلى أن الله اختارها لتواضعها وبساطتها: «إن المتواضعين هم أبناء العليّ وإخوة يسوع... ومريم في تواضعها استقبلت يسوع لمّا بشّرها به جبرائيل بقوله: «السلام عليكِ يا مباركة في النساء». حمل جبرائيل السلام ومعه الثمرة المباركة وغرز فيها الطفل الحبيب... فسبّحت وعظّمت الربّ الذي ارتضى بتواضع خادمته».

يخلص أفراهاط في تعليمه عن مريم إلى دعوته المؤمنين ليعيشوا إيمانهم على مثالها، ويكونوا متواضعين وحكماء، ويعكسوا وجه الله للعالم أجمع.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته