تضارب حول هويّة منفّذي تفجير دمشق… والكنيسة ترفع سقف خطابها

جانب من حملة الاعتقالات التي نفّذتها قوى الأمن السوريّة جانب من حملة الاعتقالات التي نفّذتها قوى الأمن السوريّة | مصدر الصورة: صفحة وزارة الداخلية السورية في فيسبوك

دفنت كنيسة دمشق شهداءها وبدأت تلملم جراحها وسط تضاربٍ حول الجهة المنفّذة للجريمة، ورفع سقف الخطاب الكنسيّ تجاه الحكومة ومسؤوليّتها في حماية مواطنيها.

أعلن بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي، أنّ يوم 22 يونيو/حزيران لن يكون مجرد ذكرى حداد على شهداء كنيسة مار إلياس في دمشق، بل يوم حداد على الحكومة السورية الحالية، التي حمّلها مسؤولية ما جرى. وأكد في صلاة الجناز أمس أنّ «المسيحيين لا يجعلون من هذه الجريمة النكراء سببًا لإشعال الفتنة، لأنهم متمسكون بالوحدة الوطنية مع جميع السوريين، مسلمين ومسيحيين، وبالعيش عائلة واحدة في سوريا». وعلى الرغم من قطع التلفزيون المحلّي بثّ كلمته، فإنّ يازجي قطع بتصريحه الطريق على الحملة التي أطلقها بعض الأطراف ضده، والتي روّجت أنّ انتقاده السلطة هو في الحقيقة انتقاد لأهل السنّة.

جانب من حملة الاعتقالات التي نفّذتها قوى الأمن السوريّة. مصدر الصورة: صفحة وزارة الداخلية السورية في فيسبوك
جانب من حملة الاعتقالات التي نفّذتها قوى الأمن السوريّة. مصدر الصورة: صفحة وزارة الداخلية السورية في فيسبوك

تنظيم داعش

بعد ساعات قليلة من وقوع الهجوم، بدا واضحًا وجود حالة من التخبط لدى الجهات المعنية في شأن تحديد هوية المنفذين. فقد قال محافظ دمشق إنّهم «الفلول»، أي بقايا النظام السابق، بينما انشغل الإعلام المحلّي بتحليلات عن أيّ دور لإيران الغارقة حينها في حربها مع إسرائيل. وبعد وقت قصير، أعلنت وزارة الداخلية السورية أنّ تنظيم «داعش» هو المسؤول عن الهجوم، وأنّها ألقت القبض على المتورطين. ولاحقًا، كشفت الوزارة أنّ الانتحاريَّين قدما إلى دمشق من مخيم الهول عبر البادية السورية، مستغلَّين الفراغ الأمني، وأنّهما «غير سوريين».

جانب من حملة الاعتقالات التي نفّذتها قوى الأمن السوريّة. مصدر الصورة: صفحة وزارة الداخلية السورية في فيسبوك
جانب من حملة الاعتقالات التي نفّذتها قوى الأمن السوريّة. مصدر الصورة: صفحة وزارة الداخلية السورية في فيسبوك

من جانبه، أشار كاهن كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة، يوحنا شحادة، نقلًا عن شهود، إلى أنّ أحد المهاجمَين كان يتحدث بلغة غير عربية.

بدوره، أكد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، وجود «عشرات من انتحاريي تنظيم داعش في الضواحي الجنوبية لمدينة دمشق»، مشيرًا إلى أنّ السلطة كانت سابقًا تنكر وجودهم هناك.

في المقابل، يشكّك سوريون كثيرون بالرواية الرسمية، خصوصًا أنّ تنظيم داعش يتبنى عادةً كلّ عملية عسكرية ينفّذها علنًا، وهو ما لم يحدث في حالة استهداف كنيسة مار إلياس. وفي هذا السياق، كتب الباحث والأكاديمي مالك الحافظ: «من الغريب أن تتمكن وزارة الداخلية بهذه السرعة من تحديد هوية منفذ التفجير، في حين أنّها لم تتمكن حتى الآن من تحديد الجهة المسؤولة عن الجرائم التي ارتكبتها الفصائل في الساحل (بحق العلويين) منذ أكثر من ثلاثة أشهر».

شعار سرايا أنصار السنّة. مصدر الصورة: قناة سرايا أنصار السنّة-القسم الشرعي في تليغرام
شعار سرايا أنصار السنّة. مصدر الصورة: قناة سرايا أنصار السنّة-القسم الشرعي في تليغرام

سرايا أنصار السنة

أعلنت جماعة «سرايا أنصار السنة»، وهي جماعة سلفية ظهرت قبل نحو أربعة أشهر، عبر قناتها في «تليغرام»، مسؤوليتها عن استهداف الكنيسة. وأوضحت أنّ الهجوم جاء ردًّا على ما وصفته بـ«استفزاز تطاول به المسيحيون على أصول الدعوة، واستبدلوا شكر النعمة بالجحود»، في إشارة إلى الإشكال الذي وقع سابقًا بين أبناء الحي وإحدى السيارات الدعوية. وأعلنت الجماعة اسم الانتحاري الذي نفّذ العملية، وهو «محمد زين الدين أبو عثمان».

عناصر متشدّدون

يسود اعتقاد بين عدد من السوريين، خصوصًا من المسيحيين، أنّ منفذي العملية ينتمون إلى «عناصر متشددين كانوا سابقًا تحت مظلة هيئة تحرير الشام، وما زالوا موجودين حتى اليوم». وهو ما أشار إليه الكاتب والباحث محمد هويدي، معتبرًا أنّ هناك شواهد تعود إلى الأيام الأولى من سقوط النظام، عندما جرى تحطيم بعض القبور المسيحية، وإطلاق النار على الصلبان الخارجية للكنائس، وحرق شجرة الميلاد.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته