وداع مهيب لشهداء تفجير كنيسة دمشق... وغضب من موقف السلطة والإعلام

يازجي يترأّس صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق يازجي يترأّس صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق | مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا

في مشهد مهيب طغت عليه مشاعر الحزن والغضب، شيّعت كنائس سوريا شهداء التفجير الانتحاري الذي استهدف كنيسة مار إلياس في العاصمة السورية دمشق، وأودى بحياة 25 شخصًا وأصاب العشرات.

جرت مراسم التشييع الرئيسة للعدد الأكبر من الجثامين ظهر اليوم في كنيسة الصليب المقدس في حي القصاع-دمشق. وترأس صلاة الجنازة البطريرك يوحنا العاشر يازجي بحضور البطريركَين يوسف العبسي وإغناطيوس يوسف الثالث يونان، وعدد من الأساقفة والكهنة، وحشود الناس من مختلف الطوائف.

يازجي يترأّس صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا
يازجي يترأّس صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا

في كلمة سبقت الصلاة، وصف يازجي ما جرى بـ«المجزرة النكراء»، مؤكّدًا أنّ «الصلاة التي نرفعها اليوم هي الصلاة الخاصة بالفصح التي نقيمها عادة في يوم القيامة، وليست صلاة الجناز العادي، لأنّ اليوم هو يوم قيامة». وقال يازجي في عظته: «الجريمة التي وقعت في دمشق هي الأولى من نوعها منذ العام 1860. لن نسمح لأحد بإحداث فتنة؛ فالسوريون كلّهم متمسكون بالوحدة الوطنية. نأسف أنّنا لم نرَ أيًّا من المسؤولين في الحكومة، عدا الوزيرة هند قبوات (المسيحية)، حضر إلى موقع الجريمة».

جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا
جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا

وانتقلت الجثامين لاحقًا إلى كنيسة مار إلياس، موقع التفجير، حيث أُقيمت صلاة خاصة قبل دفنها في المدافن المسيحية.

وبعد الظهر، أصدرت أمانة سرّ حاضرة الفاتيكان بيانًا أعلنت فيه أنّ البابا لاوون الرابع عشر يشعر بحزن عميق حيال الهجوم على الكنيسة. وعبّر الحبر الأعظم عن تضامنه الحارّ مع جميع المتضررين من هذه المأساة. وأكّد أنّه يصلي لراحة أنفس من فقدوا حياتهم ولذويهم، ولشفاء المصابين، داعيًا الله أن يمنّ عليهم التعزية والشفاء والسلام.

جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا
جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا

انتقاد مسيحيّ للسلطة والإعلام

تزامنت مراسم التشييع مع الاحتفال بالذبيحة الإلهية لراحة أنفس الشهداء وشفاء المصابين. ونُظِّمت وقفات صلاة وتضامن دعت إليها بعض الجهات المسيحية والمدنية. وخرجت تظاهرات في بعض الأحياء المسيحية، عبّر المشاركون فيها عن تشبّثهم بالحياة رغم محاولات الإرهاب نشر الموت، مردّدين: «المسيحي لا يخاف الموت، فبعد الموت قيامة».

جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا
جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا

لكن، وسط هذا المشهد الإيماني والوطني، أثار غياب إعلان الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام من السلطات السورية، فضلًا عن تجنّب وصف الضحايا بـ«الشهداء» أو «الترحّم» عليهم في البيانات الرسمية والإعلام المحلي، موجة غضب عارمة بين السوريين المسيحيين. إذ شعر هؤلاء بأنّ دماء أبنائهم لم تلقَ ما تستحقه من احترام ومساواة مع بقية مكونات الشعب.

جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا
جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا

وفي رسالة مؤثرة، وجّه مطران أبرشية حلب والإسكندرون للروم الأرثوذكس أفرام معلولي، نداءً إلى الرئيس السوري جاء فيه: «كنّا نتمنى أن نسمع منكم يا سيادة الرئيس كلمة شافية، كلمة تدخل إلى بيت كلّ سوري حرّ، وتصل إلى أذن كلّ مسيحي. كلمة تترحم على الشهداء ضحايا التفجير، وتعزّي أقارب الشهداء، وترمّم جراح الممددين على أَسِرَّة المستشفيات. كلمة تشعرنا بأنّ قائد دفة سوريا الحرة هو مع كامل أطياف الشعب السوري بشكل متساوٍ».

يازجي يترأّس صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا
يازجي يترأّس صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا

وفي السياق ذاته، انتقد إلياس الدبعي، مطران بُصرى حوران وجبل العرب للروم الملكيين الكاثوليك، وزير الإعلام السوري قائلًا: «لن نقبل تعزية لا تتضمّن ذكر كلمة شهداء؛ فالذين قضوا في هذا التفجير الإجرامي هم شهداء شاء من شاء وأبى من أبى».

يازجي يترأّس صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا
يازجي يترأّس صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا

المزيد

واعتبر إعلاميون وناشطون أنّ امتناع الحكومة ووسائل الإعلام الرسمية عن استخدام مفردات مثل «الشهيد» و«الرحمة»، يعود إلى اعتبارات أيديولوجية تتعلق بخلفية السلطة، وخشية إغضاب بعض المؤيدين.

وفي اتصال الشرع بالمطران رومانوس الحناة للتعزية بالشهداء، طلب الأخير من الرئيس الحضور إلى الكنيسة لتعزية قلوب العائلات، ليردّ الشرع: «سأكون عندكم في أقرب وقت». وعلى هذا الكلام، علّق البطريرك يازجي قائلًا: «بكلّ محبة واحترام وتقدير سيادة الرئيس، نشكركم على المكالمة الهاتفية، لكنّها لا تكفي؛ فالجريمة التي وقعت أكبر من ذلك».

جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا
جانب من صلاة جنازة العدد الأكبر من شهداء تفجير دمشق في كنيسة الصليب المقدّس-حي القصاع، دمشق. مصدر الصورة: محمد الرفاعي/آسي مينا

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته