هويّة خالدة عبر التاريخ… فرنسيسكان مصر يُذكِّرون بعمق التراث القبطيّ

يوم دراسيّ بعنوان: «الفنّ والعمارة القبطيّة: علامة خالدة عبر عصور التاريخ»، في كنيسة القديس يوسف، القاهرة يوم دراسيّ بعنوان: «الفنّ والعمارة القبطيّة: علامة خالدة عبر عصور التاريخ»، في كنيسة القديس يوسف، القاهرة | مصدر الصورة: إيمان عشم

بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف وبالتعاون مع المركز الثقافي الإيطالي، نظّم المركز الثقافي الفرنسيسكاني للدراسات القبطية بإدارة الأب ميلاد شحاتة يومًا دراسيًّا بعنوان: «الفن والعمارة القبطية: علامة خالدة عبر عصور التاريخ». احتضنت اليوم الدراسيّ كنيسة القديس يوسف في شارع محمد فريد، القاهرة.

أوضحت البروفيسورة إيمان عشم أستاذة الآثار واللغة المصرية القديمة عبر «آسي مينا» أنّ تنظيم هذا اليوم الدراسي ينبع من رسالة المركز المهتمة بتسليط الضوء على الهوية القبطية وتعزيزها وفق منهج علمي دقيق، يشمل مختلف جوانب هذا الإرث سواء اللغوية أم الفنية أم المعمارية وغيرها.

البروفيسورة إيمان عشم. مصدر الصورة: المركز الفرنسيسكاني للدراسات القبطية
البروفيسورة إيمان عشم. مصدر الصورة: المركز الفرنسيسكاني للدراسات القبطية

وأكدت عشم التي ترأست الجلسة الأولى أنّ الفن المسيحي (بما فيه العمارة) الذي وجد مع دخول المسيحية إلى مصر منذ القرن الأول الميلادي لم يحظَ برعاية ملكية أو تمويل رسمي، بل كان الفنان المصري المسيحي يستلهم من واقعه وموارده المتاحة. ووصفته بأنّه «فن شعبي، من الشعب وللشعب».

واستعرضت عشم أمثلة عن هذا التكيف الإبداعي، إذ لجأ المسيحيون الأوائل إلى تحوير بعض التماثيل الثلاثية في المعابد المصرية القديمة، كإزالة رأس التمثال الواقع في المنتصف ومعظم أجزاء التمثالين المجاورين مع الإبقاء على الكتفين ليشكّل هيئة الصليب.

يوم دراسيّ بعنوان: «الفنّ والعمارة القبطيّة: علامة خالدة عبر عصور التاريخ»، في كنيسة القديس يوسف، القاهرة. مصدر الصورة: إيمان عشم
يوم دراسيّ بعنوان: «الفنّ والعمارة القبطيّة: علامة خالدة عبر عصور التاريخ»، في كنيسة القديس يوسف، القاهرة. مصدر الصورة: إيمان عشم

وأضافت أنّ الفنان القبطي استخدم رموزًا مصرية قديمة لا تتعارض مع الفكر المسيحي، وأعاد تأويلها؛ فزهرة اللوتس، التي كانت ترمز للحياة عند المصري القديم لارتباطها بشروق الشمس وغروبها، استُخدمت في الفن القبطي لتكون إلى جانب الصليب أو في داخله، كما في نقوش منطقة كيليا (بالقرب من وادي النطرون جنوب الإسكندرية)، لتأكيد معنى الحياة المنبثقة من الصليب. وتحدثت عشم عن زخرفة «السِّلال» التي وجدت في المقابر المصرية القديمة، واستُخدمت في المسيحية الباكرة لترمز إلى الاتحاد مع السيد المسيح.

وعن إعادة الفنان المصري المسيحي تأويل المشاهد اليومية القديمة لتناسب المفهوم المسيحي للشر والصراع معه، كشفت عشم أنّ تصوير القديس جاورجيوس وهو يطعن رمز الشر يجد جذوره في الحضارة المصرية القديمة، حيث كانت مشاهد الصيد وهزيمة قوى الشرّ شائعة للتعبير عن الانتصار، وهو ما استلهمه الفن المسيحي.

وأشارت إلى السُّرج الزيتية المصممة في شكل ضفدعة، والتي تنتشر في الأديار القديمة وتحمل أحيانًا نقش الصليب. وأضافت: «على الرغم من أنّ الضفدعة قد تُعدّ رمزًا غير طاهر في بعض سياقات العهد القديم، عبّرت في الثقافة المصرية القديمة عن رقم 100 ألف وبالتالي رمزت إلى الكثرة والأبدية، وكانت ربّة للولادة وحماية المولود. استلهم الفنان المصري المسيحي هذا المفهوم، جاعلًا من مسرجة الضفدعة تعبيرًا فريدًا عن القيامة والحياة والبعث في الفن».

يوم دراسيّ بعنوان: «الفنّ والعمارة القبطيّة: علامة خالدة عبر عصور التاريخ»، في كنيسة القديس يوسف، القاهرة. مصدر الصورة: إيمان عشم
يوم دراسيّ بعنوان: «الفنّ والعمارة القبطيّة: علامة خالدة عبر عصور التاريخ»، في كنيسة القديس يوسف، القاهرة. مصدر الصورة: إيمان عشم

يُذكر أنّ الحدث تضمّن خمس محاضرات تناوب على تقديمها بالإضافة إلى عشم، أساتذة جامعيون متخصصون في الفن والعمارة والهندسة هم: شذى إسماعيل، وداود مسيحة (عضو اللجنة البابوية للعناية بالكنائس القديمة)، ومانيلو مشيليتو، بالإضافة إلى المهندس العماري أمبيرتو يوسف.

وفي حدث متصل، سيُنظم المركز الفرنسيسكاني مع المعهد الثقافي ومركز الآثار الإيطاليان الأحد المقبل ندوة عن «عادات الأقباط وتقاليدهم» سيقدّمها كلّ من الأب ميلاد شحاتة والشماس موريس وهيب في مقر مركز الآثار الإيطالي في القاهرة.

يوم دراسيّ بعنوان: «الفنّ والعمارة القبطيّة: علامة خالدة عبر عصور التاريخ»، في كنيسة القديس يوسف، القاهرة. مصدر الصورة: إيمان عشم
يوم دراسيّ بعنوان: «الفنّ والعمارة القبطيّة: علامة خالدة عبر عصور التاريخ»، في كنيسة القديس يوسف، القاهرة. مصدر الصورة: إيمان عشم

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته