كيف انتقد البابا فرنسيس الاستعمار الإيديولوجيّ وبنى الجسور؟

البابا فرنسيس في خلال مقابلة عامّة أسبوعيّة احتضنتها ساحة القدّيس بطرس-الفاتيكان في سبتمبر/أيلول 2023 البابا فرنسيس في خلال مقابلة عامّة أسبوعيّة احتضنتها ساحة القدّيس بطرس-الفاتيكان في سبتمبر/أيلول 2023 | مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/آسي مينا

تجلّى هدف التركيز على «الأقطار المنسيّة» الذي اتّخذه البابا الراحل فرنسيس من خلال محاربته «الاستعمار الإيديولوجيّ»، ومدِّه اليَد في الوقت نفسه لبلدان مجموعة السبع ودولٍ عدّة مثل الصين.

وصرّح الكاردينال مارك أوليت، رئيس دائرة الأساقفة الفاتيكانيّة في خلال معظم حبريّة فرنسيس، بأنّ قدرة البابا الراحل على إثارة اهتمام مَن هم خارج الكنيسة كانت خير دليل على «أسلوبه التبشيريّ».

استخدم الحبر الأعظم مصطلح «الاستعمار الإيديولوجيّ» لوصف سعي دولٍ غنيّة إلى فرض سياسات الإجهاض ومنع الحمل وإيديولوجيا الجندر على البلدان النامية في مقابل تقديم مساعدات تنمويّة لها. وكشفت هذه الإدانات الصادرة عن روما عزيمة فرنسيس على الوصول إلى «الأقطار المَنسيّة»، متحدّيًا الجهود المبذولة لتصويره مؤيّدًا للأجندات التقدّميّة، السياسيّة منها والاجتماعيّة.

وفي أبريل/نيسان 2023، في خلال زيارته المجر، الدولة الأوروبية التي يتعارض انحيازُها المحافِظ مع الأولويّات البابويّة للقارّة العجوز، ندّد أسقف روما بـ«مسار مؤسف تسلكه نماذج "الاستعمار الإيديولوجيّ"». ورأى أنّ «عواقب هذا المسار تندرج في إطار إلغاء الآخَر المختلف، على غرار نظريّة الجندر، أو مفاهيم الحرّية التي تحدّ من الحياة مثل التباهي بـ"الحقّ في الإجهاض"، باعتباره إنجازًا، بينما هو في الواقع مُجَرَّد من المعنى وهزيمة مأسويّة».

جسور مع المجتمع الدوليّ

سعى البابا فرنسيس أيضًا إلى بناء جسور مع المجتمع الدوليّ قولًا وفعلًا. ورحّبت الصحافة الدوليّة بالرسالتَين العامّتَين المكتوبتَين في خلال حبريّته؛ الأولى «كُنْ مُسَبَّحًا» (2015) تدعو إلى الاهتمام بالأرض، بيتنا المشترك، والثانية «كلّنا إخوة» (2020) تتعلّق بالأخوّة والصداقة الاجتماعيّة.

في المجموع، وقّع الأب الأقدس أربع رسائل بابويّة عامّة في خلال حبريّته، وسبعة إرشاداتٍ رسوليّة و75 إرادة رسوليّة. وأصبح اسمه ضمن لائحة الباباوات الذين كثُرَت كتاباتهم في مجال التعليم الإصلاحيّ.

وبفضل تعاليمه، أصبح الحبر الأعظم أبًا روحيًّا للعالم، وليس للكنيسة فحسب. وهو لم يُعارض إلقاء خطاب «بركة روما والعالم» في مارس/آذار 2020 في خضمّ جائحة كوفيد-19 بينما كان المطر ينهال على ساحة القدّيس بطرس الفارغة.

مجموعة السبع وأوكرانيا والصين

في العام 2024، أصبح فرنسيس أوّل بابا يُشارك في قمّة مجموعة السبع، وشجّع القادة آنذاك على إدراك تهديد الذكاء الاصطناعيّ وآفاقه. وقد كان أيضًا صانع سلام، من خلال عمله على استعادة العلاقات الدبلوماسيّة بين الولايات المتّحدة وكوبا، واقتراحه بذل جهود وساطة لإنهاء الغزو الروسيّ لأوكرانيا.

إلى ذلك، دفعت رغبة البابا في التفاوض والحوار، إلى توقيع اتّفاق سرّي مع الصين في العام 2018 بشأن تعيين الأساقفة. ولاقى الأب الأقدس انتقادًا لاذعًا بسبب تلك الوثيقة، لكنّ الفاتيكان أصرَّ على أنّ الصبر ضروريّ حتى تؤتي المبادرة ثمارها. ولم يفسخ الكرسيّ الرسوليّ الاتّفاق، على الرغم من انتهاكات النظام الشيوعيّ الصينيّ المتكرِّرة وتطبيقه الحازم للنهج الصينيّ الذي ينصّ على وجوب امتثال الأديان كلّها للمبادئ الشيوعيّة واستقلالها عن النفوذ الأجنبيّ.

تُرجِمَ هذا المقال عن السجلّ الوطنيّ الكاثوليكيّ، شريك إخباريّ لـ«آسي مينا» باللغة الإنجليزيّة، ونُشِر هنا بتصرّف.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته