100 يوم من الحرب… مسيحيّو غزّة يرفعون كأس تضحياتهم للربّ

الأب يوسف أسعد يحتفل بالذبيحة الإلهيّة في كنيسة العائلة المقدّسة للاتين-غزّة الأب يوسف أسعد يحتفل بالذبيحة الإلهيّة في كنيسة العائلة المقدّسة للاتين-غزّة | مصدر الصورة: حساب «Ilquddas Ara» في فيسبوك

100 يوم مرّت على حرّبٍ زلزلت الأراضي المقدسة والشرق الأوسط والعالم، ونحو 800 نفس مسيحيّة لا تزال ترجو خلاصها بسلام في غزّة. فمسلسل الدماء في القطاع أصبح واقعًا يوميًّا مرعبًا لم يسلم سكّانه منه.

اختبأ المسيحيّون في المباني الملاصقة لكنائسهم، لكنّ الدمار طاردهم فوصلت حصيلة الضحايا منهم إلى 20 شخصًا حتّى اللحظة.

حجّاج يبحثون عن فتات سلام

رمت الحرب الطاحنة بنيرانها في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي المستشفى الأهلي العربي «المعمداني». وفي 19 أكتوبر/تشرين الأول عينه، تداعى مبنى تابع لكنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس نزح إليه 350 شخصًا، بعد تعرّضه للقصف، ما أسفر عن سقوط 18 مسيحيًّا.

اشتدت وتيرة العنف قبل أسبوع من حلول عيد الميلاد، وبدل استقبال العيد بفرح، دفن مسيحيّو القطاع سيّدتَيْن مسيحيّتَيْن وراحوا يهرعون لمعالجة 7 آخرين داخل رعيّة العائلة المقدسة. ارتفعت حصيلة منازل المسيحيين المدمّرة بالكامل إلى 20. فمن كان له مأوى، صار مشرّدًا حاجًّا يبحث عن فتات السلام في دهاليز الحرب.

مناشدات كنسيّة واسعة

تطرق البابا فرنسيس في أكثر من مناسبة إلى الوضع القاسي الذي يعيشه القطاع والأراضي المقدسة. وأمام شحّ مقوّمات المعيشة الأساسية، ناشد قادة الكنائس الشرقية الكاثوليكية المسؤولين اتخاذ الإجراءات اللازمة لإغاثة الذين يعيشون ظروف الحرب.

وبالتزامن مع إلغاء احتفالات عيد الميلاد في الأراضي المقدسة، أعلن بطاركة الشرق الكاثوليك في البلدان العربية، إلغاء جميع المظاهر الخارجية للاحتفال واقتصاره على المراسيم الدينية. ودعا البطاركة إلى الصوم والصلاة على نيّة السلام العادل والشامل وسط صرخة الموجوعين.

انقطاع مستلزمات الحياة

على الرغم من انقطاع الاتصالات وشبكة الإنترنت عن أغلب السكان، لم تنقطع صلة المسيحيّين بربّهم المنتصر على الموت في خلال المعارك. فشهدت كنيسة القديس برفيريوس، ولادة روحية متمثلة في معمودية جماعية لعدد من الأطفال. للحظات، نزعت الرعية رداءها الأسود حزنًا على أبنائها الضحايا وتوشّحت بحلة المعمودية البيضاء.

ووسط ندرة الطعام والمياه، احتفلت رعية العائلة المقدسة للاتين بالمناولة الأولى، خبز السماء وخمر الحياة، لثمانية أطفال بأجواء ملؤها الأمل. ولم تنقطع القداديس في هذه الرعية الصغيرة المختبئة من صواريخ الحرب.

«أمِن ألم كألمي؟»

على الرغم المعاناة والألم الكبيرَيْن لمسيحيّي مهد المسيح، يبقى رجاء الكنيسة هو اليقين بأنّ دماء يارا وفيولا وعبد النور وطارق وليزا وسهيل ومجد وجولي وإلين ومروان وناهد وسليمان وسناء وعلياء وعيسى وجولييت وجورج وإلهام وناهدة وسمر، تصرخ إلى السماء.

ومع أنّ الدمع لم يطفئ لهيب الحقد، قلوب «القطيع الصغير» تنتظر أملًا. وتسأل جميع عابري درب هذه الحياة المنادين بالحقوق والحرّيات: «أنتم يا جميع عابري الطريق تأملوا وانظروا هل من ألم كألمي الذي أصابني؟» (مراثي إرميا 1: 12).

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته