ما أبرز نقاشات السينودس عن السينودسيّة ومقرّراته؟

البابا فرنسيس في الجلسة الافتتاحيّة للدورة الأولى للسينودس يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في قاعة بولس السادس-الفاتيكان البابا فرنسيس في الجلسة الافتتاحيّة للدورة الأولى للسينودس يوم 4 أكتوبر/تشرين الأول 2023 في قاعة بولس السادس-الفاتيكان | مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/وكالة الأنباء الكاثوليكية

مع انتهاء الدورة الأولى من الجمعية العامة الـ16 لسينودس الأساقفة بعنوان: «من أجل كنيسة سينودسيّة: شركة ومشاركة ورسالة»، اتّجهت الأنظار إلى التقرير التلخيصي الصادر عن هذا الاجتماع الكنسي الذي دام شهرًا.

والجدير بالذكر أنّ قضايا مجتمع الميم غابت كلّيًّا عن التقرير، وشمّاسية المرأة حازت نسبة قليلة من الأصوات. وحتى إنّ الفقرة العامة حول المواضيع المثيرة للجدل، مثل الهوية الجنسية والموت الرحيم، افتقرت إلى توافق في الآراء. وعلى الرغم من موافقة أغلبية الثلثين على جميع فقرات التقرير التلخيصي للدورة الأولى لسينودس العام 2023، تبدو النقاط التي لم تحظَ بإجماع واضحة وجلية. 

ومن جهته، قال منسّق الجمعية العامة السادسة عشرة لسينودس الأساقفة الكاردينال جان كلود هولريخ، في مؤتمر صحافي في 28 أكتوبر/تشرين الأول: «توقّعنا اشتداد المعارضة حيال بعض القضايا. ولكنّ مشاركين كثيرين صوتوا لصالحها، ما يشير إلى أنّ المقاومة لم تكن على قدر التوقعات». وتكشف كلمات الكاردينال عن نقاش حادّ وصلب. إذ يشير إلى الرغبة في التغيير، بخاصّة عندما تمحورت السردية طوال السينودس حول «السعي إلى الشركة».

وتتردد هذه الكلمات أيضًا في مخاوف الكاردينال جوزيف زِن، أسقف هونغ كونغ الفخري. فقد بعث زِن برسالة إلى آباء السينودس بعد توقيعه على لائحة شكوك، أو «دوبيا»، مُرْسَلة من خمسة كرادلة إلى البابا فرنسيس. وفي رسالته إلى الآباء، حذّر زِن من خطر ممارسة الضغوط لتغيير تعاليم الكنيسة. وندّد أولًا وأخيرًا بدور الأمانة العامة للسينودس، مُشيرًا إلى أنها «تُجيد فنّ التلاعب».

وفي الواقع، سقطت رسالة زِن و«دوبيا» الكرادلة على أرض خصبة. فمن خلال الوثيقة النهائية الداعية إلى تحقيق التوازن في المواقف، يتّضح أنّ المخاوف التي أُثيرت يتشاركها أساقفة كثيرون. وصوّت جمعٌ كبيرٌ من المشاركين في السينودس بـ«نعم» بغية التمكّن من إصلاح الأمور في الوثيقة النهائية، وذلك لتجنّب النقاش. أما المعارضون، فصوّتوا وهم مدركون أنهم سيواجهون معركةً ثقافيةً صعبةً في الأشهر المقبلة.

ومع ذلك، لن تُعقَد مراحل قارّية جديدة، بحسب توقعات سابقة. ولا توفّر خريطة الطريق مزيدًا من الاجتماعات على صعيد القارات ووثائق إضافية. وهو ما يساعد الأمانة العامة للسينودس، إذ قد تعثر على رسائل «دوبيا» جديدة، في المرحلة الآتية «المشحونة» من السينودس.

البحث عن الاختلافات

شكّل اقتراح 1251 تعديلًا على التقرير التلخيصي المكوّن من 40 صفحةً دعوةً إلى آباء السينودس ليعيدوا كتابة النص بشكل كامل. وعُدّلت مصطلحات عدة في المسودة الأولى وصولًا إلى التقرير الصادر في ختام الدورة. وغابت الإشارة إلى مجتمع الميم، واستُعيض عنها في البداية بـ«الهوية الجنسية»، ومن ثم بـ«الهوية الجندرية» كحلّ وسط.

كما أُلغِيَ اقتراح مساءلة المندوبين البابويين من قبل الأساقفة المحليين. وكان هذا الطرح سيقلب الأدوار على نطاق واسع، إذ يضع عمل البابا تحت إشراف الأساقفة. وبدلًا من ذلك، يذكر النصّ تجديد إجراءات اختيار الأساقفة عبر الالتزام الإضافي والإصغاء. وتُعدّ تلك الممارسة مطبّقةً بالفعل، ولو بدرجات متفاوتة حسبَ السفراء البابويين وأعمالهم.

واختفى من التقرير أيضًا اقتراح يقضي بإنشاء مجلس سينودسي يساعد البابا في حكم الكنيسة، وحلَّ محله اقتراح لإصلاح مجمع الكرادلة سينودسيًّا. وبالطبع، فإنّ إضافة هيكليات إلى تلك الموجودة أصلًا تصبح إسهابًا.

المسكونيّة والرسالة

لا يزال الإصرار على الحوار المسكوني ثابتًا ولو اختلفت الآراء فيه. وكذلك العزم قائمٌ، على ممارسة الخدمة البطرسية (أي البابوية) بطريقة جديدة كما ذكر البابا القديس يوحنا بولس الثاني سابقًا.

وفي سياق متصل، لاقت عظة رئيس الأساقفة غينتاراس غروساس في 18 أكتوبر/تشرين الأول، بمناسبة تذكار القديس لوقا، ترحيبًا حارًّا في خلال السينودس.

فقد شدد غروساس، رئيس منتدى مجالس الأساقفة الأوروبية، على ما يأتي: «بينما نناقش العمليات والهيكليّات والمؤسسات الضرورية لكنيسة سينودسية تبشيرية، يجب أن نضمن أنّها ستساعد الكنيسة في نشر الخبر السار لمن يحتاج إلى الخلاص. وعلى السينودسية أن تخدم، عبر هيكليّاتها وتجمعاتها، رسالة التبشير الكنسية، بدلًا من أن تصبح غاية بحد ذاتها».

وتكرّر طلب «عدم جعل السينودسية غاية بحد ذاتها» في النقاشات، سواء في داخل قاعة السينودس أم خارجها. ويبقى السؤال: كيف نُناغِم بين سلطة الأساقفة والسينودسية؟ وكيف نجد التوازن بين الإصغاء والتعليم، والرحمة وتعاليم الكنيسة؟

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته