نيران الحرب تسلب أرض المسيح سلامها

فلسطينيون يقتحمون الأراضي الإسرائيلية شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي فلسطينيون يقتحمون الأراضي الإسرائيلية شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي | مصدر الصورة: Anas-Mohammed/Shutterstock

شهدت الأراضي المقدسة منذ السبت الماضي أسبوعًا كارثيًّا لم ترَ له مثيلًا منذ ما يزيد على نصف قرن، تمثّل في قتال مستعر بين الجيش الإسرائيلي وحركة «حماس». 

وقد أسفرت الاشتباكات حتى الآن عن سقوط آلاف القتلى والجرحى من الطرفين. وتوقّع كثيرون من المحلّلين ألّا تنتهي هذه الأحداث الدامية في القريب العاجل.

واقع مسيحيّي الأراضي المقدّسة

في قطاع غزة ثلاث كنائس تخدم المسيحيين، منها رعية العائلة المقدسة للاتين. وأكد كاهن الرعية الأب جبرائيل رومانيلي، الذي لم يستطع الوصول إلى القطاع بعد بسبب الحرب، الأربعاء الماضي في اتصال هاتفي مع موقع البطريركية اللاتينية في القدس وجود نحو 1017 مسيحيًّا في غزّة، يخدم اللاتين منهم كاهن وحيد هو يوسف أسعد. 

ويستقبل أسعد اليوم أكثر من 180 نازحًا في الكنيسة والدير والمدرسة الملحقة بهما وهم بخاصّةٍ من سكان منطقة الرمال، منهم أربع عائلات مسيحية دُمِّرَت بيوتها بالكامل. وتقيم الكنيسة يوميًّا صلاة المسبحة الوردية وقدّاسين في الصباح والمساء على نية السلام.

أما النيابة البطريركية للروم الأرثوذكس في غزة فقد أكدت بقاء المطران ألكسيوس والكاهن سيلاس في القطاع، وهما يستقبلان نازحين في ملجأ الكنيسة. 

نداء من أجل السلام

كما أطلق بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس مع بدء الحرب نداءً من أجل السلام والعدالة، تبعه بيان آخر صدر في 13 أكتوبر/تشرين الأول دعوا فيه جميع الأطراف إلى التهدئة من أجل إنقاذ حياة الأبرياء مع الالتزام بأسس العدالة. كما طالبوا إسرائيل بالسماح بإدخال الإمدادات الإنسانية إلى غزة بدعم من المجتمع الدولي. وأشار البيان إلى أنّ طلب إخلاء الناس في شمالي غزة بمن في ذلك الرعايا المسيحيون سيعمّق الكارثة التي أنتجت حتى الآن نصف مليون نازح.

بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس. مصدر الصورة: البطريركيّة اللاتينيّة في القدس
بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس. مصدر الصورة: البطريركيّة اللاتينيّة في القدس

وختم البيان بدعوة المسيحيين ومحبي الخير في جميع أنحاء العالم إلى الصوم والصلاة يوم الثلاثاء المقبل 17 أكتوبر/تشرين الأول تضامنًا مع الذين يعانون جراء الصراع.

موقف الفاتيكان

في مقابلة له مع صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانيّة، أشار أمين سر حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين إلى أنّ الهجوم على إسرائيل لم يكن إنسانيًّا، وإلى أنّ دفاع هذه الأخيرة عن نفسها يجب ألا يكون عبر مهاجمة المدنيين. وأوضح بارولين أنّ الكرسي الرسولي مستعد للوساطة بين الجانبين، مشددًا في الوقت نفسه على أنّ الوصول إلى السلام العادل يكون من خلال حلّ الدولتين وهذا ما سيسمح للفلسطينيين والإسرائيليين بالعيش جنبًا إلى جنب بأمان. 

اندلاع الأزمة

بدأت الأزمة عندما بادرت حركة «حماس» بالهجوم على إسرائيل خارج قطاع غزة برًّا وبحرًا وجوًّا. فقُتِل وأصيب المئات جرّاء الهجوم وأُسِرَ مدنيون وعسكريون. ويتواصل إطلاق الصواريخ من قطاع غزة مصيبًا الداخل الإسرائيلي وعددًا من المرافق الحيوية كمطار بن غوريون.

في المقابل، ردت إسرائيل بقصف غزة. وازدادت وتيرة الغارات الجوية في اليومين الأخيرين. فأُصيبَت مستشفيات وسيارات إسعاف وصحافيون. وترافق ذلك مع قطع الكهرباء والمياه وإمدادات الغذاء والطاقة عن القطاع. 

وفي آخر تطورات يوم أمس، طلب الجيش الإسرائيلي بأن يخلي الفلسطينيون منطقة شمالي القطاع بالكامل. ما يعني تهجير 1.1 مليون مدني إلى جنوب القطاع. ومن جهة أخرى، تشهد مناطق أخرى توترات أقل حدة سواء في الضفة الغربية أم في المنطقة الحدودية لإسرائيل مع لبنان وسوريا.

المزيد

حماس تطلق صواريخ باتجاه الداخل الإسرائيلي في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي. مصدر الصورة: Anas-Mohammed/Shutterstock
حماس تطلق صواريخ باتجاه الداخل الإسرائيلي في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي. مصدر الصورة: Anas-Mohammed/Shutterstock

لبنان، جبهة متأرجحة

ليس لبنان بعيدًا عن التصعيد، إذ تشكّل حدوده الجنوبيّة جبهة مفتوحة على جميع الاحتمالات. وفيما كان المشهد مقتصرًا في الأيام الأولى من الحرب في الأراضي المقدسة على مناوشات وقصف متقطع على أطراف البلدات اللبنانيّة الحدوديّة، اختلفت المشهدية قبل ساعات. فقد أصيبت سياراتٌ تابعة لأطقم صحافيّة في بلدة علما الشعب الحدوديّة بقصفٍ من الجانب الإسرائيلي أدّى إلى مقتل مصوّر صحافيّ وإصابة آخرين على ما أعلنت وكالة «رويترز». وأكّدت الوكالة في بيان مقتل مصوّرها الفيديوغرافيّ عصام عبدالله. وجاء في البيان: «نشعر بحزن عميق بعد علمنا بمقتل المصوّر عصام عبد الله». وتابعت: «نسعى بصورةٍ عاجلة إلى الحصول على مزيد من المعلومات، ونعمل مع السلطات في المنطقة، كما ندعم عائلة عصام وزملاءه».

 كما جُرح صحافيّان من طاقم قناة «الجزيرة» القطريّة، التي أكّدت بدورها إصابة مراسلتها في لبنان كارمن جوخدار والمصوّر إيلي براخيا.

قبل هذه الحادثة، وعلى امتداد الأيام السبعة الماضية للأوضاع المشتعلة في الأراضي المقدسة، وقعت على حدود لبنان الجنوبيّة اشتباكاتٌ محدودة لم تتوسّع رقعتها إلى العمق الجنوبي. وشهدت بلداتٌ على الشريط الحدودي أبرزها الضهيرة وعلما الشعب وراميا قصفًا متقطعًا من الجانب الإسرائيلي ردًّا على محاولات تسلّل من لبنان، وفق ما أفادت قناة «الحرّة».

سوريا: قصف مطارَين

في حين بقيت الجبهة الحدوديّة السوريّة أكثر هدوءًا من نظيرتها اللبنانيّة، لم ينجُ الداخل السوري من تداعيات الحرب بين إسرائيل و«حماس». فقد شهد مطارا دمشق وحلب الدوليّان الخميس الماضي قصفًا إسرائيليًّا ألحق بهما أضرارًا جسيمة وأخرجهما موقتًا عن الخدمة.

(تستمر القصة أدناه)

كما قصفت إسرائيل مساء الثلاثاء بالمدفعية الأراضي السورية، ردًّا على إطلاق قذائف منها نحو هضبة الجولان.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته