داوود بإزميل مايكل أنجلو… بين سحر الفنّ وجدل العري

تمثال داوود بتوقيع مايكل أنجيلو تمثال داوود بتوقيع مايكل أنجيلو | مصدر الصورة: Marta Pons Moreta/shutterstock

يُعدّ تمثال «داوود» أو «دافيد» للفنّان الإيطالي مايكل أنجلو من أشهر التماثيل في العالم. عُرض للمرّة الأولى أمام الجمهور في مثل هذا اليوم من العام 1504، في وسط ساحة ديلا سينيوريا، بمدينة فلورنسا. 

يرمز التمثال إلى داوود الذي هزم جليات في الكتاب المقدّس. ويرتبط هذا العمل الفني وصانعه بتاريخ الكنيسة الكاثوليكيّة.

رمزية التمثال

داوود هو إحدى أبرز الشخصيّات في الكتاب المقدّس. اشتهر بشجاعته حين هزم العملاق جليات، وعُيّن ملكًا على إسرائيل بعد الملك شاول.

على مرّ العصور، شهد العالم أعمالًا فنيّة عدّة لشخصيّة داوود، لكنّ ما قدّمه مايكل أنجلو كان فريدًا وثوريًّا. ففي حين ركّزت الأعمال الفنّية السابقة على داوود في أوج النصر يظهر واقفًا على رأس جليات المهزوم، اختار مايكل أنجلو تقديم صورة مختلفة. قرّر أن يصوّر داوود في اللحظات التي تسبق النصر، حيث يتّخذ القرار ويستعدّ للتنفيذ. فيظهر داوود وهو ينظر بتركيز وحزم، بحثًا عن جليات. لم يكن هدف مايكل أنجلو إظهاره بطلًا متفوّقًا، بل بصفته إنسانًا يفكّر ويتّخذ قراراته بصرامة وشجاعة وهي الخطوات التي تؤدّي إلى النجاح.

لم يكن داوود رمزًا للجمال والقوّة البشريّة فحسب، بل أصبح رمزًا لقوّة الجمهوريّة الفلورنسيّة. تمامًا مثل داوود عند مواجهته جليات، كانت الجمهوريّة مهدّدة من جهات عدّة أقوى ولكنّها أظهرت شجاعةً غير متوقّعة ومثابرة تاريخيّة.

معلومات عن التمثال

يبلغ طول التمثال 5.17 أمتار، ووزنه نحو 6 أطنان. أمضى مايكل أنجلو نحو ثلاث سنوات لنحته، من العام 1501 إلى 1504، باستخدام رخام أبيض من بلدة كرارا الإيطاليّة. في البداية، كان من المقرّر وضعه فوق سقف كاتدرائيّة فلورنسا، لكن لثقل وزنه، وُضع في ساحة ديلا سينيوريا. واليوم، تُعرض نسخة منه في هذه الساحة، في حين نُقِل التمثال الأصلي إلى «أكاديميّة الفنون».

العري في الفن

أثار العري في التمثال جدلًا في غير مكان ومناسبة. ففي مارس/آذار الماضي، أُجبِرت مديرة مدرسة أميركيّة على الاستقالة بعد شكاوى قُدّمت من الأهالي ضدّها بسبب عرضها التمثال في إطار تدريس مادّة الفنون. 

وكثيرًا ما يُشعل العري في الفنّ النقاش والتساؤلات. ففي القرن السادس عشر، كانت الكنائس الإيطاليّة تحتضن التماثيل العارية كجزء من تراثها الثقافي والروحي، ولكنّ الأزمنة تتغيّر والأفكار تتطوّر.

وتجدر الإشارة إلى أنّ البابا يوحنا بولس الثاني أشرف على تنظيف كابيلا سيستينا وترميمها بين عامي 1989 و1994، وطلب إزالة أوراق التين التي استُخدِمت لتغطية أجزاء من التماثيل، كي تظهر الأجساد البشريّة بكامل عريها. وبهذه الخطوة، أكّد الحبر الأعظم الرؤية الكنسيّة التي تعدّ الجسد البشري تجسيدًا للجمال الإلهي لا مجّرد مصدر للعار.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته