«لا شيء يحدث بلا سبب»… كيف تقود العناية الإلهيّة حياتنا؟

العناية الإلهيّة هي التدابير التي بها يقود الله خليقته إلى كمالها العناية الإلهيّة هي التدابير التي بها يقود الله خليقته إلى كمالها | مصدر الصورة: Ruslan Batiuk via AI Image Generator

يُعلّمنا سفر الحكمة أنّ الله، خالق الكون بأسره، يعتني بمخلوقاته كلّها «لأَنَّ الصَّغيرَ والكَبيرَ هو صَنَعَهما، وهو يَعتَني بِالجَميعِ على السَّواء»، فهو موجودٌ في العالم بجوهره، وحاضرٌ بقدرته، ويدبّره بحكمته. وإزاء هذا التدبير الحكيم، هل يمكن أن يحدث شيء في عالمنا مصادفة؟ أم هو تدبير العناية الإلهيّة؟

أوضح الأب أدَّي صليوه، راعي كنيسة مريم العذراء حافظة الزروع الكلدانيّة في بغداد-العراق، في خلال حديثه عبر «آسي مينا»، أنّ التعليم المسيحيّ للكنيسة الكاثوليكيّة يُعرّف العناية الإلهيّة بأنّها «التدابير التي بها يقود الله خليقته إلى كمالها». وأحالنا إلى وصف القدّيس توما الأكوينيّ لها بأنّها «الخطّة التي وضعها الله لخلق المخلوقات وتحقيق غايتها».

الأب أدَّي صليوه. مصدر الصورة: الأب أدَّي صليوه
الأب أدَّي صليوه. مصدر الصورة: الأب أدَّي صليوه

وتابع: «هكذا يُمكننا أن نفهم أنّ الله جَعَل لوجود كلّ مخلوقٍ من خلائقه غايةً، ووسائط مناسبة لبلوغه كمالها، لأنّ "الرَّبّ صَنَعَ كُلَّ شَيءٍ لِغايَتِه" (أم 16: 4)، وجعل إظهار مجده ومحبّته الإلهيّة الغاية التي من أجلها خُلِق البشر، متفوّقين على سائر المخلوقات بأنّ الله أراد أن تكون سعادته سعادتهم، ومجده مجدهم».

تُحيطنا العناية الإلهيّة إذن، وهي ينبوع كلّ الخيرات الأرضيّة والأبديّة، تلك التي نمتلكها والتي نرجوها. ويعتقد صليوه أنّ أيّ حَدَثٍ في حياتنا لا يقع دون علم الله وعنايته، مستشهِدًا بكلمات الربّ: «شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ أَيْضًا جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ».

وأضاف: «دعانا الربّ يسوع إلى الثقة في العناية الإلهيّة بقوله: "لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلاَ لأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ... لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا". ويُعلّمنا سفر الأمثال أيضًا أنّ ما قد يبدو ذا نتيجةٍ عشوائيّة ليس خارج نظر الربّ وعنايته، حين يقول: "تُلْقى القُرَعُ في الحِضْن، ومِنَ الرَّبِّ جَميعُ أَحْكامِها" (أم 16: 33)».

نقرأ في الرسالة إلى العبرانيّين أنّ الله "حَامِلٌ كُلَّ الأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ" بواسطة ابنه، فهو إذن ليس خالقًا وحسب بل معتنيًا بكلّ مخلوقاته وهو الذي "مُحْيي هٰذه" (نح 9: 6)، ويريدنا أن نفهم أنّ هذه العناية لا تعني أنّ الله يحكم كلّ شيء ويوجّه مساره فحسب، بل إنّه يحفظ كلّ شيء أيضًا.

وخلص صليوه إلى القول: «لا شيء يحدث بلا سبب، شرًّا كان أم خيرًا، وهذه هي العناية الإلهيّة، ومن خلالها تسري مشيئة الله الصالحة والكاملة على أمور الحياة اليوميّة كلّها، فمن دون العناية الإلهيّة، يفقد كلّ شيءٍ معناه. وبمخطّطه الإلهيّ هذا، يضفي الله معنًى وهدفًا على كلّ حدَثٍ وشيء، وإن عجز البشر عن تمييز الهدف والمعنى اليوم، فالله سيكشفه لهم في أوانه».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته