هل وهبنا الله الحياة لنعيشها متألّمين أم سعداء؟

ألم يسوع يُعبِّد لنا طريق السماء ألم يسوع يُعبِّد لنا طريق السماء | مصدر الصورة: Paul shuang/Shutterstock

قصد ربّنا يسوع المسيح في خلال حياته على الأرض أن يكشف للإنسان قُرب الله وحضوره إلى جانبه طوال حياته كلّها، لا سيّما وسط ألمه ومرضه، ليجاهد معه ضدّ شرِّهما. فالله أعطى الحياة للإنسان هبةً مجّانيّة ليعيشها؛ هي هديّة الله لنا، ويريدنا أن نعيشها سعداء.

أكّد الأب أمير ججّي الدومنيكيّ في حديثه لـ«آسي مينا» أنّ الإنسان المؤمن بأنّ الله أبوه لا يمكنه الاعتقاد أبدًا أنّ أباه هو مصدر ألمه.

حرّية الاختيار

وبيّنَ أنّ «الله أعطانا الحرّية وإمكانيّة الاختيار، لذلك نحن مسؤولون عن خياراتنا في الحياة وبالتالي عن ألمنا، وليس من المنطق أن نلقي مسؤوليّة كلّ شيء على الله، لا سيّما ما يعيشه العالم اليوم من حروبٍ ونزاعات ليست إلّا ثمرة شرّ الإنسان ولم تكن أبدًا لعنةً أو عقابًا من الله، خلافًا لما يعتقد بعضهم».

الأب أمير ججّي الدومنيكيّ. مصدر الصورة: معهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان
الأب أمير ججّي الدومنيكيّ. مصدر الصورة: معهد الدراسات الشرقية للآباء الدومنيكان

يسوع المسيح حاضرٌ إلى جانب الباكين والمتألّمين والمشرفين على الموت، لذا «يبقى رجاؤنا حيًّا رغم الشرّ والألم والعذاب، لأنّ الله بجانبنا، ويتألَّم معنا. إلهنا الحقيقيّ ليس ذلك الإله الذي ينظر إلينا من علياء سمائه، ليس صَنَمًا له عينانِ ولا يرى، أذنان ولا يسمع، يدان ولا يفعل. هو إلهٌ حيٌّ وحاضر بيننا، حمل أوجاعنا وأخذ عاهاتنا، فحسبناه ذا برص»، حسبما قال ججّي.

رحمة تُعانق بؤسَ الإنسان

وأوضح أنّ الإنسان لا يستطيع إدراك رحمة الله ومحبّته إلّا إذا قَبِلَ أن ينزل إلى أعماق بؤسه صارخًا من هناك إلى الله، و«سيسمع حينئذٍ صوت الله يجيبه: "هَأَنَذَا يا بنيّ" ويضمّه بين ذراعيه، ويعانقه عناقًا طويلًا. فيرى عندئذٍ رحمةَ الله تعانق بؤس الإنسان».

وقال إنّ الألم يحاول أن ينزع من قلوبنا الإيمان والرجاء وأن يملأ نفوسنا باليأس وعدم الثقة. وفي هذا الصدد، أشار ججّي إلى الخبرة التي عاشتها القدّيسة تريزا الطفل يسوع بسبب معاناتها مرض السلّ والآلام المبرحة التي قاستها. ولفت إلى أنّها كانت كلّما واجهت تجربة الشكّ وفقدان الثقة بالله بسبب شدّة آلامها، كانت تردّد قانون الإيمان لتعبِّر عن إيمانها بحضور الله بقربها في وسط آلامها.

إيمانٌ يهزم الألم

«وفي أيّامها الأخيرة، إذ لم تعد قادرةً على ترديد قانون الإيمان لفقدانها القدرة على الكلام، طلبَتْ من أخواتها أن يكتبنَ لها نصّ القانون لتضعه على صدرها كلّما أرادت أن تُعبّر لله عن إيمانها وثقتها به، رغم قسوة آلامها».

خلق الله الإنسان على صورته ومثاله ونفخ فيه من روحه، ويقيننا أنّ روح الحياة أقوى من الموت والألم اللذين تجلبهما طبيعتنا البشريّة الضعيفة وخطيئة الإنسان وعنفه، وأنّ الله قادرٌ على أن يفجّر في صحراء قلوبنا، رغم جفائها القاتل، ينبوع ماء الحياة المتجدّدة.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته