ماذا يريد الله من الإنسان؟

لوحة النبي إبراهيم لوحة النبي إبراهيم | مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز

نتعلّم من قصّة أبينا إبراهيم أنّ الله يُحبُّ إسماعيل ويعتني به، كما يُحبُّ إسحق الذي اختاره ويعتني به. فالله لا يُبرهِن محبّته لإنسانٍ بعينه من خلال رفضه إنسانًا آخَر، لأنّه إلهُ جميع البشر ودعا جميعهم إلى الصلاح: «قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ، وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ، إِلَّا أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ، وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعًا مَعَ إِلهِكَ».

«فمَن يعرف الله يعمل بالعدل والرحمة، ويكرِم صورتهُ في الآخَر، سواء أكان قريبًا أم غريبًا أم عدوًّا، ويجتهد متيقّظًا ليرى آلام الآخرين وحاجاتهم، ويسمع صُراخهم الصامِت، ويساعدهم دون تمييز، على مثال السامريّ الرحيم»، كما بيَّنَ المطران بشّار متّي وردة، راعي إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة، في حديثه عَبر «آسي مينا».

فلنلبِّ دعوة الله!

وشرح أنّ الإيمان بالله ليس دعوةً للعودة إلى الماضي والتوقّف عند قصص آبائنا في الإيمان، بل نداء من الله، من المُستقبَل، يحضّنا على تغيير حاضرنا فنجعَل الأرض كلّها مكانًا حَسَنًا لعيش جميع البشر، ملبّين بذلك دعوة الله، وإن لم نفهم الآن ما يُريده منّا بكلّيّته، فذلك ما حصل تمامًا مع آبائنا في الإيمان.

وشدّد وردة على أنّ الله خالقَنا منحَنا إرادةً حُرّة، وارتكابنا الأخطاء وارد، لأنّه لم يطلب منّا أن نكون كاملين، «بل دعانا إلى بذل قُصارى جهدنا لتحقيق إرادته، مدركين نقائصنا، ومعترفين بإخفاقاتنا، فالصِّدِّيقُ يَسْقُطُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيَقُومُ، كما يقول حكيم الأمثال. فلنجتهد للنموّ، متّكلين على نعمته ومتيقّنين أنّها تكفينا "لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ"».

وأوضح وردة أنّ الله حين دعا أبرام: «أَنَا اللهُ الْقَدِيرُ. سِرْ أَمَامِي وَكُنْ كَامِلًا»، كان عارفًا حجم المجازفة «فأبرام في المُقدِّمة، وسيَحْتَجُّ ويُجادِل ويُفاوِض الله على قراراته العادلة، كما حصل مع قضيّة سَدُومَ وَعَمُورَة. ولكنّ الله أرادَ ويُريد علاقةً كهذه، يتحمّل فيها الإنسان المسؤوليّة عن حياته وحياة الآخرين».

لا تبرير ولا تهرّب

الإنسان إذن مدعوّ ليواصِل عمل الخَلْق الذي بدأه الله قبل أن يكون، وليحرِص على أن لا تعود الفوضى الأولى إلى الكون، مُدرِكًا أنّ الله حين يُعطيه أرضًا تَدُرُّ لبنًا وعَسَلًا، فعليه أن يفلَحَها ويعتني بها، بل أن يخوض معاركَ ليُحافِظ عليها، لا أن يتهرّب من مسؤوليّاته، كما فعلَ أبواه الأوّلان، فيلوم الآخرين والظروف، ويختلق الأعذار لتبرير فشله في تحمّل مسؤوليّته الأخلاقيّة، ثمّ يلوم الله ليتهرَّب منها.

وختم وردة: «لحياتنا معنى وهدفٌ وغايةٌ ورسالةٌ ومَهَمةٌ، لأنّ خالقَنا هو إلهٌ مُحِبٌّ، يثقُ بنا وبقدرتنا على إبداع الحياة من الفوضى، مثلما فعلَ هو قَبْلَنا، وهذه هي خدمتنا ورسالتنا ومسؤوليّتنا».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته