الماء المقدَّس... رموزه ومفاعيله

الماء المقدَّس رموزه واستخداماته الماء المقدَّس رموزه واستخداماته | مصدر الصورة: Bofo/Shutterstock

إلى جانب أهمّية الماء وضرورته في ديمومة حياة المخلوقات، فقد شكَّلَ أيضًا عنصرًا جوهريًّا في طقوس الإنسان وعباداته عبر التاريخ. فمنذ نشوء الديانات، دأب الأقدمون على استعماله قبل دخولهم إلى هيكل العبادة، باعتباره مادّة أساسيّة في المرحلة التطهيريّة قبيل المشاركة في الطقوس. وسواء أكان استخدامه بقصد التطهير الفعليّ أم الرمزيّ، يبقى الماء العنصر الطبيعيّ الأبرز في الممارسات الطقسيّة، نظرًا إلى توفّره دائمًا.

لعنصر الماء استخدامات واسعة في المسيحيّة أيضًا، كما بيّن الأب د.جورج جَحّولا، الكاهن في أبرشيّة الموصل وتوابعها للسريان الكاثوليك، في حديثه عبر «آسي مينا»، موضحًا أنّ أوّلها وأهمّها هو استخدامه في سرّ العماد، إذ يُمثّل أحد «المواد» الأساسيّة لإتمام السرّ بصورةٍ قانونيّة، إلى جانب الزيوت المقدّسة، كزيت الموعوظين وزيت الميرون المقدّس.

الماء المقدَّس رموزه واستخداماته. مصدر الصورة: Burkin Denis/Shutterstock
الماء المقدَّس رموزه واستخداماته. مصدر الصورة: Burkin Denis/Shutterstock

وأضاف: «في حين يُعَدّ الماء المُقدّس الأكثر شيوعًا هو الموضوع في مدخل الكنيسة، هناك أيضًا ماء العماد في عيد الدنح، والماء الذي يُرَشّ على المؤمنين وعلى نعش الميت في الدفنات، والمُستَخدَم في مباركة الرموز التقويّة، كالصُّلبان والمسابح والأيقونات وأغصان الزيتون وسواها. كما يُستعمل الماء المقدّس في تبريك البيوت وأماكن الصلاة، وتمتدّ بركته لتشمل حياة العمل وأماكنه».

البابا لاوون الرابع عشر يرشّ الماء المقدّس في قدّاس عيد العنصرة يوم 8 يونيو/حزيران 2025. مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/آسي مينا
البابا لاوون الرابع عشر يرشّ الماء المقدّس في قدّاس عيد العنصرة يوم 8 يونيو/حزيران 2025. مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/آسي مينا

يمكننا استنتاج رمزيّة الماء كمصدرٍ للحياة وتجدّدها عَبر مراجعة الكتاب المقدّس. «فالماء يُذكِّرنا بالحياة التي ظهرت حين فصل الله الماء عن الأرض اليابسة (تك 1: 9-10). وإن بدا الماء لاحقًا رمزًا للدمار والفناء، كما هو الحال في الطوفان (تك 7-8)، ولكنّ حياةً جديدة وخليقة مُتجدّدة، كما يرغبها الله، انبثقت من خلاله»، بحسب جَحّولا.

واستدرك: «الماء وسيلة التطهير أيضًا، إذ يكشف لنا حَدَث الطوفان عن نيّة الله في إنشاء ذرّيّة جديدة متطهّرة من خطيئة الماضي. كما يمثّل حَدَث عبور البحر الأحمر تطهيرًا للشعب قبل لِقائه الله على جبل سيناء. وكذلك هو الحال في عبور نهر الأردن قُبيل دخول الشعب في الميراث الموعود».

الماء المقدَّس رموزه واستخداماته. مصدر الصورة: Cograng via wikimedia commons (CC BY-SA 4.0)
الماء المقدَّس رموزه واستخداماته. مصدر الصورة: Cograng via wikimedia commons (CC BY-SA 4.0)

وأردف: «في ضوء هذا التعليم، استعملت المسيحيّة الماء رمزًا للتطهير قبيل دخول المؤمن إلى الكنيسة، فيغمس إصبعَه في الماء المقدّس ويرسم على وجهه علامة الصليب طالبًا غفران خطاياه قبل المشاركة في الصلاة أو في الأسرار المقدّسة».

وختم جَحّولا مؤكّدًا أنّ الماء المقدَّس من أشباه الأسرار (أو من المقدّسات)، وتتمّ تهيئته عبر تلاوة صلاة خاصّة مع إضافة الملح. «فبواسطة الصلاة وبقوّة الروح القدس، يتحوّل هذا الماء من مادة ذات مفعولٍ طبيعيّ، إلى ماء مقدَّس ذي فعل خارقٍ للطبيعة، لا يتلقّى مفاعيله سوى المؤمن بواسطة الإيمان».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته