هل يهدِّد الحكم القضائيّ مستقبل دير سانت كاترين في مصر؟

دير سانت كاترين في جنوب سيناء المصريّة دير سانت كاترين في جنوب سيناء المصريّة | مصدر الصورة: dibrova/Shutterstock

لا يزال الجدل حول ملكية دير سانت كاترين في جنوب سيناء المصريّة يثير توترًا متصاعدًا، بعد الحكم القضائي الأخير الذي أقرّ بملكية الدولة للموقع، مع منح الكنيسة حق الانتفاع به. قوبل هذا الحكم برفض شديد من رهبان الدير الذين قرّروا إغلاق أبوابه أمام الزوار احتجاجًا.

لم تجد تطمينات السلطات المصرية صدًى في الكنيسة الأرثوذكسية التي عدّت الحكم سابقة خطيرة، خصوصًا أنّ معارضة القرار لم تقتصر على الداخل، بل امتدت إلى كبرى البطريركيات الأرثوذكسية، في القسطنطينية وأورشليم والإسكندرية، إضافة إلى كنيستَي اليونان وقبرص، والاتحاد اليوناني لعلماء اللاهوت. في المقابل، آثرت كنائس أخرى الصمت، ما زاد المشهد تعقيدًا.

جاء الدعم الأبرز من اليونان التي اعتبرت المسألة «أبعد من كونها تقنية»، وفق المتحدث باسم حكومتها أمس. وأكد التزام بلاده الكامل الدفاع عن الوضع التاريخي للدير. وأشار إلى أنّ الحكومة تسلّمت نسخة من الحكم المؤلَّف من 160 صفحة، وهي في صدد مراجعته. وفي هذا السياق، يتوجّه وزير الخارجية اليوناني إلى القاهرة غدًا، برفقة مسؤولين من وزارات الخارجية والتعليم والشؤون الدينية والثقافة والرياضة.

ووصف المطران داميانوس، رئيس أساقفة سيناء وفاران ورايثو، ما يجري بـ«التلاعب القضائي»، مبيّنًا أنّ الدير قدّم منذ العام 1980 مستندات ملكية لـ71 موقعًا، واحتفظ بإيصالات رسمية تؤكد ذلك، من دون أن تُقرّ الدولة بملكيته خلافًا لحالات مشابهة نالت اعترافًا كاملًا. وأعرب عن استيائه من تحوّل الرهبان إلى متهمين بالاستحواذ غير المشروع ومطالبتهم بدفع المال.

وأضاف أنّ اتفاقًا سابقًا توصلت إليه الكنيسة مع السلطات المصرية، بحضور ممثلين عن الحكومة اليونانية، لكن جرى تعديله أخيرًا من طرف واحد. وأردف: «نحن من حمى هذا الكنز منذ القرن السادس، واليوم يقال لنا يمكنكم استخدامه... لكنّكم لا تملكونه».

بدوره، أكد خريستوس كومبيليريس، المتحدث باسم الهيئة القانونية للدير أنّ الاتفاق الذي جرى التفاوض عليه طوال تسعة أشهر توقّف فجأة قبيل التوقيع، ليصدر حكم يناقض جوهر التفاهم. وأضاف: «الوضع القانوني الجديد يجعل مستقبل الدير برمته على المحك». ولم يُخفِ كومبيليريس قلقه إزاء الحكم الذي لا يكتفي بإثبات ملكية الدولة، بل يتيح مصادرة 25 موقعًا من أصل 71 تابعًا للدير.

في خلفية المشهد، يرى بعضهم أنّ مشروع «التجلي الأعظم» الذي أطلقه الرئيس المصري عام 2021 لتطوير منطقة سانت كاترين وتحويلها إلى وجهة سياحية متكاملة، هو أساس الأزمة. ويرى هؤلاء أنّ المشروع يهدد الطابع الرهباني المقدّس للمكان. في المقابل، يربط آخرون الأمر بحق سيادي مصري بحت لحماية الأرض من تحوّل الدير إلى كيان مستقل، أو ما يشبه «فاتيكان جديد».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته