كيف نعيش الوصايا العَشر في حياتنا اليوم؟

الوصايا العشر محفورة على نحت صخريّ في كنيسة الكهف في المقطم-القاهرة،مصر الوصايا العشر محفورة على نحت صخريّ في كنيسة الكهف في المقطم-القاهرة،مصر | مصدر الصورة: Gabriela Beres/Shutterstock

حياتنا المسيحيّة هي دعوةٌ إلى عيش خبرة الحبّ الإلهيّ المتجلّية في أبهى صورها بيسوع المسيح، وهي تتطلّب استجابةً حُرّة صادقة، وقرارًا حاسمًا وتباعة أمينة. هي دعوةٌ متطلّبة لا تتجاوز حرّيّتنا أو تتنكّر لها، بل تفترضها حقيقةً، لكونها دعوة تُوجَّه إلى إنسان قادر على التزام قرارٍ حُرٍّ لتباعة ربّنا يسوع.

إنّها تباعةٌ وإرساليّة في الوقت عينه، بحسب ما يشرح المطران بشار متّي وردة، راعي إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة، في حديثه عبر «آسي مينا»، موضحًا أنّ اتّباعنا يسوع يعني أن يكون لدينا فِكْرُه ورؤيته لنجعل عالمنا عالمًا حَسَنًا، «فنحن لم نُخْلَق مصادفةً، ولا يُمكن استبدالنا، لقد أوجَدَنا الله لرسالة ومهمّة: أن نُكَمّل عمل الخلق لأنّنا خُلِقنا على صورة الله ومثاله».

المطران بشار متي وردة. مصدر الصورة: إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة
المطران بشار متي وردة. مصدر الصورة: إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة

وفي هذا الشأن، يتساءل كثيرون: هل نحن بحاجةٍ إلى وصايا وقوانينَ ومُشترعات من أجل عَيش دعوتنا المسيحيّة؟ أوَلا تَحُدُّ هذه الوصايا حُرّيّتنا وتُوجِّه استجابتنا لإرادة الله، فيأتي قرارنا الأخلاقيّ الصالح مدفوعًا بخوفنا من عقابِ الله بسبب تجاوزنا وصاياه؟

يُجيب وردة عن هذا التساؤل، مستعينًا بلعبة كرة القدم وقوانينها لتوضيح أهمّيّة وجود قوانين تحدّد مكان اللعبة وزمانها وحقوق الأطراف المُشاركين فيها على النحو الأفضل، وتحظر السلوكيّات المسيئة والمعرقلة لاستمرارها.

ويشرح: «يضمن وجود حَكَمٍ بصلاحيّات كاملة، ومعارف شاملة بالقوانين، سير اللعبة وسلامة حياة المشاركين فيها، وبخاصّةٍ إن كان عادلًا، مُنصِفًا وحكيمًا، يعرِف متى يتجاوز بعض الأخطاء من أجل الخير العام، وهكذا، فالوصايا إذن تجعل الحياة مُمكِنةً للجميع».

ولكن، هل يعني تطبيق الشريعة إمكان عيش حياة إنسانيّة حقّة؟ هل إتمام الإنسان كلّ ما تأمر به الشريعة سيُؤَمِّن له حياةً صالحة؟ يُجيب وردة مسترسلًا: «رغم دراية الحَكَم بالقانون، لكنّ تمكّنه منه لا يُؤهّله ليكون لاعبًا ماهرًا، فاللاعب الماهر ينبغي أن يكون موهوبًا وأن يُخْضِع نفسه لتدريبٍ منضبطٍ تحت إشراف مُدرّبٍ حكيم وخبير قادرٍ على تطوير موهبته وتوظيفها بالشكل الأمثَل».

ويزيد: «يمكن أن تدفع شدّة القانون وصرامته اللاعب إلى التميّز والإبداع، لكنّ الدراية بالقانون لا تصنع الفوز، فالقانون يجعلُ اللعبةَ ممكنةً فقط. لذا نلاحظ أنّ اللمسات الفنّيّة والنقلات الرائعة لا تدفع الحَكَم ليتدخّل، بل يُطلق صافرته إزاء السلوك السلبيّ والمسيء».

ختامًا، يُشدّد وردة على حاجتنا إلى تعلّم فنّ العيش معًا إذا ما أرَدْنا أن نتقاسم مع القريب حياةً إنسانيّة رائعة، قائلًا إنّ «الشريعة تُمكّننا من ذلك، لأنّها تعيننا على معرفة السلوكيّات المؤذية المسَبِّبة لإنهاء الحياة الإنسانيّة أو تحجيمها. أمّا الإبداع في الحياة فيحتاج إلى معرفة أعمق بالشريعة، تعلّمنا كيف نكون حُرّاسًا على سلامة حياة الآخَر وازدهارها، ويكون لقاؤنا به فرصةً للنموّ في القامة والحكمة».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته