مفاجآت الدبلوماسيّة... تقارب غير متوقّع بين الفاتيكان والبيت الأبيض

الفاتيكان يرى في دور ترامب فرصة ولغزًا في آن الفاتيكان يرى في دور ترامب فرصة ولغزًا في آن | مصدر الصورة: البيت الأبيض/السجلّ الوطنيّ الكاثوليكيّ

يبدو أنّ الفاتيكان والبيت الأبيض متّفقان عندما يتعلّق الأمر بالسلام وبقاء المسيحيّين في الشرق الأوسط.

بدا هذا التقارب غير مألوف، سواء أكان مصادفة أم بعناية إلهيّة؛ إذ كتب البابا لاوون الرابع عشر عبر حسابه الجديد على منصة إكس في 14 مايو/أيّار سلسلة منشورات دعا فيها إلى السلام، مبديًا استعداده «لمساعدة الأعداء على التلاقي، فيستعيد الناس الكرامة التي يستحقّونها: كرامة السلام»، في حين اختار الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب من جهته السلامَ وكرامة الشعوب محورًا لزيارته الرسميّة الأولى للسعوديّة وقطر والإمارات.

ترامب يلتقي وليّ العهد السعوديّ الأمير محمّد بن سلمان في 13 مايو/أيّار 2025 في الرياض. مصدر الصورة: Win McNamee/Getty
ترامب يلتقي وليّ العهد السعوديّ الأمير محمّد بن سلمان في 13 مايو/أيّار 2025 في الرياض. مصدر الصورة: Win McNamee/Getty

وحتّى لو اتُّهِم ترامب بالانتهازيّة، فإنّ اهتمامه بالسلام ليس جديدًا. إذ إنّه كان، قبل عقد، المرشّح الرئاسيّ الجمهوريّ الوحيد الذي ندّد بغزو العراق في مناظرةٍ عام 2016، وتعرّض لانتقاداتٍ لاذعة. وفي ولايته الأولى، سخر من مستشاره المتشدِّد للأمن القوميّ جون بولتون، قائلًا: «لو استمعتُ إليه، لكنّا في الحرب العالميّة السادسة الآن».

وبعد أربعة أشهر على وصولها إلى السلطة، باشرت إدارة ترامب مفاوضات سلام معقّدة بشأن أوكرانيا وغزّة وإيران. وفي الرياض، خلافًا لرغبة بعض موظّفي مجلس الأمن القوميّ الأميركيّ ورئيس الوزراء الإسرائيليّ بنيامين نتنياهو، رفع ترامب كامل العقوبات عن سوريا، حاصدًا ترحيب دمشق والعالم السنّي.

وأعقبَ هذا القرار لقاءٌ جمع ترامب ورئيس المرحلة الانتقاليّة السوريّ أحمد الشرع الذي كان عنصرًا في تنظيمَي القاعدة وداعش قبل أن يُصبح رجل دولة. وأعلمت واشنطن سوريا بمطالب جدّيّة، منها: وقف دعم الإرهابيّين، وطردهم، وإبقاء داعمي داعش خلف القضبان، والحفاظ على التهدئة التي من شأنها أن تؤدّي في نهاية المطاف إلى سلام مع إسرائيل. وما يُثير مخاوف إدارة ترامب أيضًا هو مصير المسيحيّين في سوريا.

وبالنسبة إلى السوريّين الذين أنهكتهم حرب مُدمِّرة دامت 13 عامًا، كان هذا القرار بارقة أملٍ جديدة، وقد تنعكس نتائجه إيجابًا على الاقتصاد اللبنانيّ. كما سيُسهم فعليًّا في بقاء المسيحيّين في أرضهم، خلافًا لما جرى في العراق حيث لم يتبقَّ سوى عُشر المسيحيّين الذين كانوا موجودين في هذا البلد عام 2003.

في هذا الصدد، أبدى البابا لاوون الرابع عشر القلق نفسه، شاكرًا الله على «المسيحيّين الصامدين في أوطانهم، خصوصًا في الشرق الأوسط».

وفي السعوديّة، ألقى ترامب خطابًا لاقى ترحيبًا واسعًا. وقد أشاد بإنجازات الخليج في مقابل إخفاقات التدخّلات الأميركيّة الطويلة والمُكلِفة، قائلًا: «معجزات الرياض وأبوظبي لم يصنعها "بناة الأمّة" المزعومون ولا "المحافظون الجدد" ولا "المنظّمات الليبراليّة غير الربحيّة" التي أنفقت أموالًا هائلة في كابول وبغداد بلا جدوى»، منتقدًا خصوصًا ما سمّاها «الحروب الأبديّة».

وهنا تكمن المفارقة: فترامب المُتَّهم بالفوضويّة، بقي ثابتًا على مبدأ «السلام عبر القوّة»، بينما تورَّط خبراء يُفترَض أنّهم مُحَنَّكون في إدارة الرئيس السابق جو بايدن، في حربَين، خسروا فيها الحلفاء ولم يهزموا الأعداء.

أمّا الفاتيكان فيرى في دور ترامب فرصة ولغزًا في آن. إلّا أنّ عددًا من التيّارات الكنسيّة اليساريّة كان يتوقّع صدامًا محتومًا بين البابا والرئيس الأميركيّ الجديد. وفي ما يخصّ السلام ومصير مسيحيّي الشرق، يبدو أنّ الفاتيكان والبيت الأبيض يقفان على الجانب نفسه، على الأقلّ حاليًّا.

تُرجِمَ هذا المقال عن السجلّ الوطنيّ الكاثوليكيّ، شريك إخباريّ لـ«آسي مينا» باللغة الإنجليزيّة، ونُشِر هنا بتصرّف.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته