القدس, الأربعاء 7 مايو، 2025
مع بدء انعقاد مَجْمَع الكرادلة في الفاتيكان لانتخاب حبر أعظم جديد خلفًا للبابا فرنسيس، يعيش العالم الكاثوليكيّ لحظة محوريّة، روحيّة وتاريخيّة.
وبينما ينشغل محلّلون وإعلاميّون برصد التوجّهات الجغرافيّة والتيّارات اللاهوتيّة داخل المجمع، ينظر المسيحيّون في المشرق، وبخاصّة في فلسطين، إلى هذا الحدث من زاوية مختلفة تمامًا. فبالنسبة إليهم، لا تقتصر المسألة على هويّة الشخص الذي سيجلس على كرسيّ بطرس، بل تتجاوز ذلك لتعكس رجاءهم العميق بأن يكون البابا الجديد راعيًا يعرف وجعهم، يشعر بجراحهم، ويفهم شهادتهم اليوميّة في أرضٍ تتآكل فيها الحقوق وتزداد فيها الهشاشة.

إنّ هذه اللحظة الكنسيّة تأخذ في مهد المسيحيّة طابعًا خاصًّا ينبع من التوق إلى وجود جسر روحيّ وراعويّ حقيقيّ، يربط بين الكنيسة الجامعة ومعاناة جماعة مؤمنة تعيش في قلب نزاع طويل ومعقّد. من هنا، تبرز شخصيّة الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، بصفته مرشّحًا طبيعيًّا تتقاطع عنده الاعتبارات الروحيّة والراعويّة والتاريخيّة. وعلى الرغم من أنّه إيطاليّ، إلّا أنّ بيتسابالا ليس مجرّد كاردينال قادم من روما، بل إنّه شخصيّة كنسيّة عاشت القسم الأكبر من خدمتها في قلب الأرض المقدّسة، مهد المسيحيّة وملتقى الديانات، وأحد أكثر الأماكن تعقيدًا في العالم من الناحية السياسيّة والدينيّة والتاريخيّة.