مع بدء انعقاد مَجْمَع الكرادلة في الفاتيكان لانتخاب حبر أعظم جديد خلفًا للبابا فرنسيس، يعيش العالم الكاثوليكيّ لحظة محوريّة، روحيّة وتاريخيّة.
«لم يكُن البابا زعيمًا فحسب... كان أبًا حقيقيًّا لنا». بهذه الكلمات، عبّر جورج أنطون، رئيس لجنة الطوارئ في كنيسة العائلة المقدّسة للاتين في غزّة ومدير عمليّات كاريتاس، عن وقع خبر وفاة البابا فرنسيس على قلوب مسيحيّي غزّة الذين عاشوا معه علاقة استثنائيّة.
قدَّم بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، رؤيةً عميقةً لهوية الكنيسة في القدس. وقال: «نحن كنيسة الجلجلة، نعم، لكننا أيضًا كنيسة المحبّة، التي لا تنام وتسهر وتغفر وتبذل ذاتها». وأكّد أنّ المسيح المصلوب ليس رمزًا للألم فحسب، بل رمز للغفران والحياة الجديدة.
في مدينة القدس القديمة، حيث تتعانق الروحانيّة مع التاريخ، تقع كنيسة القيامة التي تُعَدّ من أقدس المواقع المسيحيّة في العالم. في هذه الكنيسة، وتحديدًا في خلال أسبوع الآلام وعيد الفصح، تتّجه أنظار المسيحيّين من مختلف أنحاء العالم إلى خمس مراحل خالدة من درب الصليب، تُجسّد اللحظات الأخيرة في مسيرة يسوع نحو الموت والقيامة.
على المنحدرات الجنوبيّة لجبل صهيون في القدس، تقع كنيسة القدّيس بطرس الكاثوليكيّة التي تعرف باسم «جاليكانتو»، وهو مصطلح لاتينيّ يعني «صياح الديك».
في قلب مَجْمَع كنيسة القيامة، أقدس المواقع المسيحيّة، وعلى بُعد أمتار من المكان الذي يُعتقَد أنّه شهد صلب السيّد المسيح ودفنه، اكتشف علماء آثار دليلًا أثريًّا جديدًا يتناغم بشكل لافت مع ما ورد في الإنجيل بحسب يوحنّا: «وكانَ في المَوضِعِ الَّذي صُلِبَ فيهِ بُسْتان، وفي البُستانِ قَبرٌ جَديد لم يَكُنْ قد وُضِعَ فيهِ أَحَد» (يو 19: 41).
تحلّ الاحتفالات بعيد الفصح هذا العام في الأرض المقدّسة وسط مشهد معقّد تسوده مشاعر متضاربة تتأرجح بين الحزن والرجاء، في ظلّ استمرار الحرب في غزّة، والتصعيد الأمنيّ في الضفّة الغربيّة والقدس.
فيما تشهد المدينة المقدّسة توتّرًا دينيًّا متصاعدًا، أصدر مركز روسينغ للتعليم والحوار ومركز توثيق الحرّية الدينيّة تقريرَين جديدين يُظهران ارتفاعًا غير مسبوق في الهجمات والمضايقات ضدّ المسيحيّين في إسرائيل والقدس الشرقيّة، بلغت 111 حادثة موثّقة في عام 2024 وحده.
وجَّه نائب حارس الأراضي المقدّسة الأب إبراهيم فلتس الفرنسيسكانيّ من قلب القدس نداءً مؤثّرًا ومفعمًا بالرجاء، لكنّه لم يَخلُ من الألم، داعيًا العالم المسيحيّ إلى دعم مسيحيّي الأرض المقدّسة الذين يواجهون اليوم تهديداتٍ غير مسبوقة لوجودهم التاريخيّ في مهد الإيمان.
في زيارة تاريخيّة امتدّت من 20 إلى 23 آذار/مارس 2025، حَلَّ بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا ضيفًا على مملكة البحرين. وحملت زيارته الرسميّة رسائل قويّة في مجال التسامح والتعايش وتعزيز الحوار بين الأديان، وشكّلت فرصةً لدعم الوجود المسيحيّ في المنطقة.
أكّد المطران وليم شوملي، النائب البطريركي للاتين في القدس، أنّ في ظل الأزمة المستمرة في الأراضي المقدسة، يتقاسم المسيحيون مع جميع الفلسطينيين معاناتهم اليومية.
احتفلت بطريركيّة القدس للاتين والكنيسة الكاثوليكيّة في الأردن والأراضي المقدّسة برسامة المطران إياد الطوال، النائب البطريركيّ للاتين في الأردن، في قدّاس احتفاليّ ترأسه بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، واحتضنته كنيسة معموديّة السيّد المسيح في المغطس.
يختبر المسيحيون في جنين، شمالي الضفة الغربية التابعة للسلطة الفلسطينية، أوضاعًا صعبة تفاقمت حدّتها بعد التصعيد العسكري الإسرائيلي الأخير في المنطقة.
أكّد المطران إياد الطوال، الأسقف المعاون للبطريركية اللاتينية في القدس والنائب البطريركي في الأردن، أنّ التحديات التي يواجهها المسيحيون في المنطقة ليست جديدة. وشدّد في حديثٍ خاصّ إلى «آسي مينا» على أنّ المسيحية تشكّل جزءًا من الثقافة الشرقية والعربية في الأردن وفلسطين ولبنان وسوريا، حيث يُسهم الإيمان المسيحي في منحنا القوة للاستمرار على الرغم من الظروف الصعبة».
وجّه بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، وحارس الأراضي المقدسة الأب فرانشيسكو باتون، رسالة فيديو مسجَّلة إلى العالم من أمام كنيسة القيامة في مدينة القدس، أكّدا فيها أهمّية زيارة الأماكن المقدسة في عام اليوبيل الحالي. كما شدّدا على أنّ الحجّ آمن تمامًا.
أكّد جورج أنطون، مدير كاريتاس في غزة، أنّ المنظَّمة تبذل جهودًا حثيثة منذ بداية الحرب للحفاظ على وجود المسيحيين في القطاع والحدّ من هجرتهم. وأوضح لـ«آسي مينا» أنّ مواجهة هذه الظاهرة تتطلّب توفير بيئة تشجّع السكان على البقاء، مشيرًا إلى أنّ عائلات عدّة قرّرت المغادرة في بداية النزاع أو منتصفه، وتبعتها عائلات أخرى لاحقًا.
15 يناير/كانون الثاني 2025، تاريخ غير عاديّ ولحظة غير عابرة في الأراضي المقدّسة. فبعد أكثر من خمسة عشر شهرًا من القتال العنيف، أعلنت قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية التوصّل رسميًّا إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس في غزة. خطوة انتظرها كثيرون، ستدخل حيّز التنفيذ يوم الأحد المقبل (19 يناير/كانون الثاني). فما تفاصيل الاتفاق؟ وما مستقبل مسيحيّي القطاع الذين أنهكتهم الحرب وعصفت بأرواحهم وأرزاقهم؟
في حدث تاريخي بارز، شهد الأردن تدشين كنيسة معمودية السيد المسيح في موقع «بيت عنيا» على نهر الأردن (المغطس)، أحد أقدس المواقع المسيحية العالمية. تمتد الكنيسة على مساحة تقارب 1800 متر مربع، لتصبح بذلك واحدة من أكبر الكنائس الكاثوليكية في المنطقة.
أعلنت وزارة السياحة والآثار الأردنية تنظيم معرض تاريخي في الفاتيكان بعنوان «الأردن: فجر المسيحية». يُعدّ المعرض الأول من نوعه، ويهدف إلى استكشاف أصول المسيحية في الأردن.
بعد أيّام، تنضمّ كنيسة جديدة إلى موقع المغطس في الأردن. كنيسة كاثوليكيّة تحمل اسم معموديّة السيّد المسيح ستزيّن واحدًا من أبرز المواقع في تاريخ المسيحية. فما طابع هذه الكنيسة، وما الذي يميّزها خارجيًّا وداخليًّا؟ جولةٌ بالصّور والمعلومات تُلقي الضوء.