على المنحدرات الجنوبيّة لجبل صهيون في القدس، تقع كنيسة القدّيس بطرس الكاثوليكيّة التي تعرف باسم «جاليكانتو»، وهو مصطلح لاتينيّ يعني «صياح الديك».
يُدير الآباء الرهبان «الأسونسيونيست» منذ العام 1887 هذا المزار الذي يخلّد ذكرى لحظة إنكار بطرس يسوع ثلاث مرّات قبل أن يصيح الديك، والمذكورة في الأناجيل الأربعة.
«أَقولُ لَكَ يا بُطرُس: لا يَصيحُ الدِّيكُ اليَومَ حتَّى تُنكِرَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ أَنَّكَ تَعرِفُني» (لوقا 22: 34)، وصاحَ الديك. بطرس كان قد أنكر معرفته بالمسيح ثلاث مرّات، وقد تحقّقت نبوءة يسوع.
تمثال داخل باحة الكنيسة يصوّر أحداث إنكار بطرس. مصدر الصورة: maziarz/Shutterstock
يُشرف موقع الكنيسة على وادي قدرون ووادي الربابة وبركة سلوان، القائمة حتّى يومنا هذا، وقد ورد ذكرها في الإنجيل باسم «سلوام»، وقربها يقع دير حقل الدم، وهو المكان الذي انتحر فيه يهوذا الإسخريوطي.
بُنيت الكنيسة للمرّة الأولى عام 457 وحملت اسم القدّيس بطرس، لكنّها هدِمت وخُرِّبت ثمّ أعيد بناؤها مرّات عدّة. فقد هدمها الفرس وأعاد بناءها البيزنطيّون. وهدمها الحاكم بأمر الله عام 1010، فأعاد الصليبيّون بناءها عام 1102. وخرّبها المماليك بقيادة بيبرس في القرن 13، إلى أن أعيد بناؤها عام 1931 على يد رهبنة الآباء «الأسونسيونيست»، وأُنجِزَت عمليّات الترميم عام 2000 لتظهر الكنيسة كما هي اليوم، ويُعتقَد أنّ المكان يقوم فوق قصر الكاهن الأكبر قيافا حيث وقعت حادثة الإنكار.
كنيسة القدّيس بطرس من الداخل، القدس. مصدر الصورة: suronin /Shutterstock
تتألف الكنيسة من طبقات ثلاث، يبدأ الدخول إليها من الثالثة العليا، نزولًا حتّى الأولى. على المدخل نقشٌ برونزيّ يَظهر فيه المسيح يُشير بأصابعه إلى بطرس الذي سينكره ثلاث مرّات. وفي القبّة صليب فوقه ديك ذهبيّ، وتوجد في الطبقة الوسطى بقايا صخور وأبنية قديمة، ثمّ في الطبقة الدنيا آثار مغاور وبيوت ودرج من وادي قدرون إلى جبل صهيون، وآبار حيث احتجز التلاميذ، وتمثال للمسيح مكبّل اليدين بعد اعتقاله، وإلى جواره تمثال يُصوّر بطرس في أثناء إنكاره المسيح وحوله الجاريات والخدم.
تُعَدّ كنيسة القديس بطرس في القدس موقعًا يحمل أهمّية دينيّة وتاريخيّة كبيرة، فهي ليست مجرّد معلم سياحيّ، بل إنّها مكان للعبادة والتأمّل الروحيّ.
أبواب كنيسة القدّيس بطرس «جاليكانتو» في القدس. مصدر الصورة: maziarz/Shutterstock
تُظهر الكنيسة العمارة البيزنطيّة والصليبيّة المتميّزة، وتحتوي على فنون دينيّة رائعة تعكس قصّة بطرس وإنكاره المسيح. وهي تُعتبَر أيضًا شاهدةً على التحوّلات الدينيّة والسياسيّة التي مرّت بها المدينة المقدّسة عبر العصور. يُمكن للزوّار الإحساس بعمق التاريخ والروحانيّة النابضة في جدرانها والتي تُلهم كثيرين للتفكير في معاني الإيمان والغفران.
تقع كنيسة القيامة، المعروفة أيضًا باسم كنيسة القبر المقدّس، داخل أسوار البلدة القديمة في القدس. بُنيت فوق الجلجلة، المكان الذي يعتقد أنّ يسوع صُلب فيه. تُعدّ من أقدس الكنائس وأكثرها أهمّية في العالم المسيحي، إذ تضمّ المكان الذي دُفن فيه يسوع، واسمه القبر المقدّس.
في مدينة القدس موقع ديني وتاريخي شهير يسمّى «علّية صهيون». فهو يُعدّ المبنى الأول للكنيسة، إذ منه انطلق التبشير بالمسيحية إلى مختلف أرجاء العالم فكان شاهدًا على ولادة الكنيسة وبداية رحلة الإيمان. كما شهد أحداثًا مهمة عدة في التاريخ المسيحي.