بين التوتّرات والانقسامات... كيف قاد البابا فرنسيس الكنيسة في اللحظات العاصفة؟

البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس-الفاتيكان في خلال مقابلة عامّة أسبوعيّة في أبريل/نيسان 2024 البابا فرنسيس في ساحة القديس بطرس-الفاتيكان في خلال مقابلة عامّة أسبوعيّة في أبريل/نيسان 2024 | مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/آسي مينا

قدّم البابا الراحل فرنسيس رؤية عظيمة في مسائل عدّة منها اللامركزيّة، والإصغاء، والمرافقة الرعويّة، وإنشاء كنيسة ترتكز على المشاركة الرعويّة والرحمة بدلًا من صرامة الدقّة العقائديّة وتدخّل الإكليروس في السياسة.

وأعلن الأب الأقدس مرارًا في خلال حبريّته: «جميعنا، جميعنا، جميعنا»، تعبيرًا عن تصوّره للكنيسة ملاذًا للجميع كي يجدوا فيها الرحمة.

توتّرات في السينودسات

في ديسمبر/كانون الأول 2015، افتتح الحبر الأعظم سنة اليوبيل الاستثنائيّة للرحمة. وهو وقتٌ خاصّ بالكنيسة بكاملها من أجل «إعادة اكتشاف رحمة الله وجعلها مثمرة». وتمحورت السنوات الأخيرة من حبريّته حول السعي المستمرّ إلى السينودسيّة في الكنيسة. وقد تجلّى هذا الهدف من خلال السينودس عن السينودسيّة (2021-2024) الذي هدف إلى إعادة إنشاء كنيسة عالميّة دائمة يستطيع جميع أبنائها «اختبار الحياة الجماعيّة، بحيث يؤدّي كلّ فردٍ فيها دورًا مباشرًا في نشر كلمة الإنجيل».

ومنذ البداية، سلّطت حبريّته الضوء على التوتّرات داخل الكنيسة. وظهر هذا الأمر من خلال السينودس المضطرب حول الزواج والأسرة عامي 2014 و2015. إذ ناقش الآباء السينودسيّون آنذاك الاقتراح المثير للجدل بالسماح للمُطلّقين والمتزوّجين مدنيًّا بالتقدّم من سرّ المناولة المقدّس. ولم يفلح فرنسيس، عبر الإرشاد الرسوليّ الصادر بعد السينودس «فرح الحبّ»، في ضبط الاحتقان بسبب ضبابيّة الموقف حول هذه القضيّة العقائديّة.

تعمُّق الانقسامات

في السنوات التالية، تعمّقت هذه الانقسامات. إذ استغلّ بعض القادة في الكنيسة، ولا سيّما في ألمانيا، الغموض العقائديّ الظاهر، من أجل الضغط لإجراء تغييرات في تعاليم الكنيسة وخاصّةً في المسائل التالية: عزوبيّة الكهنة، واتّحاد المثليّين، وكهنوت المرأة. وازدادت التوترات حدّةً بعد ردّ فعل الكنيسة في أنحاء العالم على مرسوم «حرّاس التقاليد» عام 2021 الهادف إلى تلخيص القدّاس اللاتينيّ التقليديّ، ومرسوم «دعاء الثقة» عام 2023 الذي يفتح الباب لإمكان منح مباركة غير ليتورجيّة للأزواج المثليّين ومَن هم في وضع غير نظاميّ.

لكنّ الأب الأقدس كان جازمًا وحازمًا في التعاليم الرئيسة في خلال حبريّته. ومن خلال وثيقة «كرامة لامتناهية» الصادرة عن دائرة عقيدة الإيمان عام 2024، أكّد مجدّدًا معارضة الكنيسة الدائمة للإجهاض والموت الرحيم وأيديولوجيّة الجندر. كما أوضح بصرامةٍ أنّ رسامة المرأة الشمّاسيّة والكهنوتيّة خارج النقاش.

وفي نهاية المطاف، خيّب أسقف روما آمال الكاثوليك من ذوي الفكر التقدّمي ووسائل إعلام علمانية عدّة توقّعوا ثورةً عقائديّةً واسعة النطاق في الكنيسة، بدلًا من عمليّة الإصلاح الرعويّة التي سعى إليها.

تُرجِمَ هذا المقال عن السجلّ الوطني الكاثوليكي، شريك إخباري لـ«آسي مينا» باللغة الإنجليزية، ونُشِر هنا بتصرّف.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته