ماذا يعلّمنا لوقا الإنجيليّ عن سنة اليوبيل؟

يسوع المسيح يدخل المجمع في الناصرة ويقرأ سفر أشعيا النبي(مشهد سينمائي)/باب اليوبيل في بازيليك القدّيس بطرس-الفاتيكان يسوع المسيح يدخل المجمع في الناصرة ويقرأ سفر أشعيا النبي(مشهد سينمائي)/باب اليوبيل في بازيليك القدّيس بطرس-الفاتيكان | مصدر الصورة: لقطة شاشة من تطبيق Bible.com/دانييل إيبانيز-آسي مينا

اختار لوقا أن يضع قراءة يسوع لنبوءة إشعياء (إش 61) في مَجْمَع الناصرة (لو 4: 16- 21) بوصفها انطلاقةً لرسالته العلنيّة، مؤكّدًا أهمّية هذا الحَدَث البرنامجيّة، وقاصدًا تعليمنا أنّ سنة اليوبيل ليست مجرّد تقليدٍ قديم، بل فرصة تعكس حنان قلب الله ورغبته في تحقيق العدل، والرحمة، والاستعادة، وهي كلّها أمور تجد إتمامها النهائيّ في المسيح.

يوضح راعي إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة المطران بشّار متّي وردة في حديثه لـ«آسي مينا» أنّ يسوع، عَبْر قراءته هذه في مَجْمَع الناصرة، أعلنَ هويّته بوضوح، هو الماشيحا، الممسوح من الله، والمُرسَل ليبشِّر بالخلاص والحرّية والغفران، لتحرير الإنسان من الخطيئة، فـ«مَن يَرتَكِبُ الخَطيئَة يَكونُ عَبدًا لِلخَطيئَة» (يو 8: 34).

زمن التحرير الشامل

أكّد لوقا منذ البداية أنّ رسالة يسوع ليست لليهود فحسب، بل للعالم أجمع، وفق ما يُبيّن وردة، شارحًا أنّ «طريقة اقتباس لوقا من إشعياء تكشِف عن مفهومه لسنة اليوبيل، إذ يشدِّد على أنّ اليوبيل هو زمن تحريرٍ شامل، لا يقتصر على التحرير الاجتماعيّ أو الاقتصاديّ، بل يمتدّ إلى التحرير الروحيّ العميق».

المطران بشّار متّي وردة. مصدر الصورة: إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة
المطران بشّار متّي وردة. مصدر الصورة: إيبارشيّة أربيل الكلدانيّة

ويضيف وردة: «أعلن ربُّنا أنّ هذه النبوءة قد تحقّقت فيه، بإعلانه "سَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ"، وهي إحالةٌ مباشرة إلى سنة اليوبيل التي ترمز إلى التحرير والاسترداد. بهذا الإعلان، وضع يسوع إطارًا لخدمته التي تقوم على تحرير الإنسان من قيود الخطيئة والظلم، فهذه كانت وما زالت رغبة الله في أن يبقى الإنسان حُرًّا من أشكال العبوديّة كلّها، فهذه هويّته الحقيقيّة ليبقى شريكًا في التدبير الخلاصيّ».

ما الذي يرضي الرّبّ؟

ويُتابع وردة: «أعقَب لوقا اقتباسه عبارة "ولِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ" بعبارة "وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ" المقتَبَسة من إصحاحٍ آخر في إشعياء (إش 58: 6) يتحدّث عن الصوم الذي يُرضي الربَّ: "حَلّ قُيُودِ الشَّرِّ. فَكّ عُقَدِ النِّيرِ، وَإِطْلاق الْمَسْحُوقِينَ أَحْرَارًا، وَقَطْع كُلِّ نِيرٍ"، في إشارةٍ واضحة إلى أنّ سنة اليوبيل يجب أن تكون سنة تحرير».

يسوع المسيح يدخل المجمع في الناصرة ويقرأ سفر أشعيا النبي. مصدر الصورة: Pinterest
يسوع المسيح يدخل المجمع في الناصرة ويقرأ سفر أشعيا النبي. مصدر الصورة: Pinterest

ويلفت إلى أنّ إضافة لوقا الإنجيليّ هذه العبارة جاءت «ليُبرز أنّ عمل يسوع لا يقتصر على إعلان الخلاص، بل على تحقيقه فعليًّا، وأنّه للعالم أجمع. لذلك، رفض يسوع الموقف الامتلاكيّ لأهلِ الناصرة، ما أثارَ استياءهم العميق، وامتلأوا غضبًا وسعوا إلى قتله، في إشارةٍ مبكِّرة إلى المصير الذي سينتظره لاحقًا في أورشليم».

ويختم وردة قائلًا إنّ هذا الحدث هو جوهر رسالة يسوع الذي لم يأتِ ليخضع لمفاهيم عالمنا الضيّقة، بل ليُعلنَ الخلاص للجميع، فواجه الرَّفض من مَجْمَع الناصرة إلى صليب الجلجلة، لكنّه ظلّ أمينًا لدعوته، مقدِّمًا بشارة التحرير والتوبة ومغفرة الخطايا للأمم كلّها.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته