«بييتا» فان غوخ في متاحف الفاتيكان... لوحة صغيرة تعكس عظمة الخلاص

لوحة الـ«بييتا» للفنّان فان غوخ في متاحف الفاتيكان لوحة الـ«بييتا» للفنّان فان غوخ في متاحف الفاتيكان | مصدر الصورة: إلياس الترك/آسي مينا

قبل أشهر قليلة من وفاته، رسم الفنّان الهولندي فينسنت فان غوخ مشهديّة عناق العذراء مريم للمسيح المُنزَل عن الصليب، مسطِّرًا عملًا من الأكثر حميمية وندرة في مجموعته الفنّية.

الـ«بييتا» لوحة زيتية صغيرة على قماش أُنجزت قرابة العام 1890، محفوظة اليوم في متاحف الفاتيكان مع مجموعة الفن الديني الحديث. دخلت حاضرة الفاتيكان عام 1973 باعتبارها هديّة من أبرشية نيويورك. وبينما لا يتجاوز طولها 41.5 سنتيمترًا  وعرضها 34 سنتيمترًا، فسّر فيها المبدع بريشته أبعادًا من سرّ الخلاص.

تفسير المبدع للوحته

رغم إيمانه العميق، قليلًا ما تناول الرسّام الشهير موضوعات دينية. وبسبب ملحوظة كتبها على الجهة اليمنى للّوحة، كشف أنّه استوحى رسمته من الفنّان الفرنسي أوجين دولاكروا، بعدما رأى له مطبوعة حجرية.

لوحة الـ«بييتا» للفنّان فان غوخ في متاحف الفاتيكان. مصدر الصورة: Public Domain via Wikipedia
لوحة الـ«بييتا» للفنّان فان غوخ في متاحف الفاتيكان. مصدر الصورة: Public Domain via Wikipedia

أهدى الهولندي الـ«بييتا» إلى شقيقته غولييلمينا. وفي رسالة لها، شرح أنّ الأم الحزينة تظهر كامرأةٍ من عامة الشعب، تحمل في ذاتها آلامًا كثيرًا ما ترفضها المجتمعات. أما المسيح فجاء أقرب إلى تقاليد الأيقونات، فكان الهولندي مخلصًا بذلك لنموذج دولاكروا.

وقال بعض المفسّرين إنّ ملامح يسوع في اللوحة تشبه وجه فان غوخ. ما قد يعني أنّ الفنّان رسم المسيح حاملًا آلامه الشخصيّة. وكان الفنّان عمل على نسخة أولى من اللوحة، أهداها إلى شقيقه ثيو، وهي محفوظة اليوم في متحف فان غوخ-أمستردام.

مجموعة واسعة

تُحاط الـ«بييتا» الفاتيكانيّة اليوم بمجموعة مؤلّفة من 7 آلاف عمل فنّي ديني حديث. وكان البابا بولس السادس افتتح المجموعة في 23 يونيو/حزيران 1973 بهدف إعادة تفعيل الحوار بين الكنيسة والفن. وضمن المجموعة، باقة من روائع فنّانين عملوا في السياق الفرنسي بين القرنَين التاسع عشر والعشرين. وإلى جانب لوحة فان غوخ، نحت خشبي ملوّن ونادر للفرنسيّ بول غوغان، وتمثال من الشمع للإيطاليّ ميداردو روسو.

لوحة الـ«بييتا» للفنّان فان غوخ في متاحف الفاتيكان. مصدر الصورة: إلياس الترك/آسي مينا
لوحة الـ«بييتا» للفنّان فان غوخ في متاحف الفاتيكان. مصدر الصورة: إلياس الترك/آسي مينا

ويمكن القول إنّ لوحة الـ«بييتا» الصغيرة، المولودة لتحية دولاكروا، صارت إعلانًا شخصيًّا. فقد حوّل فان غوخ موضوعًا دينيًّا إلى صرخة صامتة من التعاطف والقرب الإنساني. وفي الفاتيكان، ما زالت تلك الصرخة تتردد، عابرةً الزمن والعصور.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته