وبعيدًا من الكاتدرائية، تنتشر الموسيقى في أماكن تاريخية أخرى مثل بازيليك القديس كاربوفورو وكنيسة القديس كاسيانو الرعائيّة في بريتشيا. ولا يقتصر مسار «السماء الموسيقية» على الحفلات، بل يشمل أيضًا البُعد الليتورجي. ويقام مساء اليوم قداس تأبيني لقادة الأوركسترا وعازفي الأرغن والمغنين المتوفين. وتبقى أبرز لحظات الحدث في الليلة الختاميّة مساء 14 أغسطس/آب، مع تلاوة صلاة الغروب يرافقها عزف الأرغن في الكاتدرائيّة.
وتقدِّم بذلك «السماء الموسيقية» فسيفساء من الأصوات والألحان، تحكي التراث الموسيقي الكبير لمدينة كومو. وتمنح فرصة لاستكشاف الألحان في أصدق أبعادها بصفتها وسيلة للتمجيد والجمال، قادرة على توحيد الفن بالروحانية.
رمزٌ لمدينة كومو
يُذكَر أنّ الموقع الاستراتيجي للكاتدرائية يُبرز أهميتها الدينية، إذ يجعلها رمزًا لمدينة كومو، الملتقى الثقافي والتجاري بين شمال أوروبا وإيطاليا. وكان للمدينة دور محوريّ في تشكيل النسيج التاريخي والجغرافي للمنطقة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الكاتدرائية اكتسبت على مرّ القرون، ملامح فريدة بفضل تداخل الأساليب المعمارية والفنية فيها. فقد ترك كلّ عصر بصمته المميزة، بدءًا بالطراز القوطي في واجهتها الخارجيّة وأروقتها، وصولًا إلى الأشكال الباروكية لقبّتها. ونشأ فيها نوع من الحوار التاريخي جعل المبنى مثالًا نادرًا للاستمرارية في تاريخ العمارة الدينية والتكامل الجمالي.
محرّر آسي مينا لأخبار الفاتيكان وروما. دكتور في اللاهوت العقائدي. باحث في الشؤون الكنسيّة. مقيم في العاصمة الإيطاليّة روما.