ماذا بقي من الدير الأعلى في الموصل ومدرسته اللاهوتيّة «أمّ الفضائل»؟

لقطة لكنيسة الطاهرة للكلدان في الموصل العراقيّة تُظهر حجم الدمار الذي سبّبه تنظيم «داعش» لقطة لكنيسة الطاهرة للكلدان في الموصل العراقيّة تُظهر حجم الدمار الذي سبّبه تنظيم «داعش» | مصدر الصورة: باسكال ماغسيان/ميزوبوتاميا
لقطة لكنيسة الطاهرة للكلدان في الموصل العراقيّة تُظهر حجم الدمار الذي سبّبه تنظيم «داعش» لقطة لكنيسة الطاهرة للكلدان في الموصل العراقيّة تُظهر حجم الدمار الذي سبّبه تنظيم «داعش» | مصدر الصورة: باسكال ماغسيان/ميزوبوتاميا

لا أثر للدير الأعلى في الموصل العراقيّة اليوم، لكنّ اسمه وتراثه باقيان؛ إذ يعدّ أحد أشهر أديار المشرق بل المرجعيّة المنظّمة لصلوات كنيسة المشرق وطقوسها. وتقوم في موضعه اليوم أطلال كنيسة الطاهرة للكلدان.

تخبرنا المصادر التاريخية أنّ «موقع الدير الأعلى هو في الشمال الشرقيّ من مدينة الموصل داخل الأسوار المندرسة، ملاصقًا للقلعة العليا (باشطابيا) وهو معروف باسم الدير الأعلى أو دير الأعلى أو دير مار كبريال أو كوريال ومار أبراهام»، بحسب كتاب «الدير الأعلى وكنيسة الطاهرة-نبذة تاريخيّة» للأب د. يوسف حبّي.

وكان البطريرك إيشوعياب الثالث الحديابي يعيش في الدير. والمؤكّد أنه كان عامرًا عام 650، ومن الخطأ الاعتقاد أنّ الكشكريّ المتوفى عام 738 هو مؤسِّسه. أمّا التسمية فيُرجعها أغلب الباحثين إلى «غير كبرييل الكشكريّ، ولعلّه شهيد عاش ما بين الجيلَين الرابع والسادس. ومنذ عهد طيمثاوس الجاثليق (780-823) عُرف الدير أيضًا باسم مار أبراهام، لانتقال مار أبراهام بردشنداد أستاذ طيمثاوس في باشوش، إلى الدير الأعلى».

عرف الدير أوْجَه في الجيلَين التاسع والعاشر، بل غدا مركز الثقل في كنيسة المشرق وأشبه بمَجمَعٍ لطقوسها. يقول عنه الشابشتي في كتابه «الديارات» مستشهدًا بكلام ياقوت الحمويّ: «دير كبير عامر "يضرب به المثل في رقّة الهواء وحسن المستشرف، ويقال أن ليس للنصارى دير مثله، لما فيه من أناجيلهم ومتعبّداتعهم" وفيه قلّايات كثيرة لرهبانه».

رئيسا أساقفة ليون الفرنسية والموصل للكلدان يحتفلان بالقدّاس على أنقاض كنيسة الطاهرة للكلدان، 1 سبتمبر/أيلول 2021. مصدر الصورة: باسكال ماغسيان/ميزوبوتاميا
رئيسا أساقفة ليون الفرنسية والموصل للكلدان يحتفلان بالقدّاس على أنقاض كنيسة الطاهرة للكلدان، 1 سبتمبر/أيلول 2021. مصدر الصورة: باسكال ماغسيان/ميزوبوتاميا

نشأت الليتورجيا الأولى في كنيسة المشرق حول كنيسة الكرسي البطريركي في كوخي وكانت شبه متكاملة حينما تولّى البطريرك إيشوعياب الثالث (649–659) وفريقه من الرهبان تنظيمها في منتصف القرن السابع ودمج طقسَي «الدير» و«الكاتدرائيّة» في طقس واحد، بحسب موقع البطريركيّة الكلدانية.

ويوضح الموقع أنّ «هذا التغيير الليتورجي حصل في الدير الأعلى بالموصل والذي كان يُعرَف أيضًا بدير مار كبرييل (+738) وبتأثير تقليد دير بيث عابي الذي كان البطريرك إيشوعياب الثالث نفسه أحد رهبانه».

ولتأكيد دور الدير وتأثيره يوضح حبّي: «الثابث أنّ الطائفة الكلدانيّة قد سارت لأجيال على النظام المنبثق من هذا الدير، وأنّ معظم الكتب الطقسية استُنسخت "حسب نسخة الدير الأعلى" أو "حسب نسخة مار كورييل ومار أبراهام بالموصل"».

عُرِف الدير أيضًا بمدرسته «أمّ الفضائل» وبأساتذتها المشاهير: الربان حبيب، وعمانوئيل برشهاري، والربّان سركيس، والربّان يوسف بوسنايا، فضلًا عن عبد يشوع الراهب الذي أصبح بطريركًا عام 963 والبطريرك أيشوعياب الرابع (1020-1025).

«لا ريب أنّ كنيسة الطاهرة هي كنيسة الدير الأعلى... ولا حرج أن تحمل كنيسة الدير اسم العذراء»، بحسب حبّي الذي يعتقد أنّ الكنيسة الحالية مبنيّة على أسس كنيسة الدير القديمة وآثارها.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته