ما الأسس البيبليّة لعقيدة المطهر؟

ملاك يحرّر الأنفس من المطهر، لوحة من القرن السابع عشر للفنّان لودوفيكو كرّاتشي ملاك يحرّر الأنفس من المطهر، لوحة من القرن السابع عشر للفنّان لودوفيكو كرّاتشي | مصدر الصورة: Public Domain

لم تبتدع الكنيسة الكاثوليكيّة عقيدة المطهر. كما أنّها لم تأتِ من فراغ، بل تأسَّست على نصوص بيبليّة عدّة تتناول مثلًا: موضوع الصلاة من أجل الموتى أو مكان وجود الإنسان بعد وفاته.

ولاستيضاح الأسس الكتابيّة لهذه العقيدة، حاورت «آسي مينا» الأب نويران ناصر الدومنيكي. فأورد بعض الأمثلة داعيًا إلى التأمّل في معانيها.

السجن ومكان التطهّر

ذكّر ناصر بأنّنا «نقرأ في إنجيل متى، على سبيل المثال: "إذا كنتَ تقرّب قربانك إلى المذبح وذكرت هناك أنّ لأخيك عليك شيئًا، فدع قربانك هناك عند المذبح، واذهب أوّلًا فصالح أخاك، ثمّ عُدْ فقرّب قربانك. سارع إلى إرضاء خصمك ما دمت معه في الطريق، لئلّا يسلّمك الخصم إلى القاضي والقاضي إلى الشرطي، فتُلقى في السجن. الحقّ أقول لك: لن تخرج منه حتّى تؤدّي آخر فلس" (5: 23-26)». ودعا ناصر إلى التفكير «بعمق في معنى "السجن" والمقصود به وسبُل الخروج منه».

الأب نويران ناصر. مصدر الصورة: الأب نويران ناصر
الأب نويران ناصر. مصدر الصورة: الأب نويران ناصر

وشرح أنّ الربّ يتحدّث عن «السجن» كصورة رمزيّة، للإشارة إلى «مكان التطهّر» اللازم من الخطايا التي تترك آثارها على الطبيعة البشرية. وبيّن ناصر أنّ رسالة مار بطرس الأولى تورد هذه الإشارة للسجن أيضًا. «فتستخدم كلمة السجن نفسها ("فيلاكي" في اللغة اليونانية). وتتكلّم على الأرواح المسجونة» إذ تقول الرسالة: «فذهب (المسيح) بهذا الروح (المُحيي) يبشّر الأرواح التي في السجن أيضًا" (بطرس الأولى 3: 19)».

المكان الموقّت والنار

فسّر ناصر أنّ «السجن مصطلح يستخدمه العهد الجديد ليصف "المكان الموقّت" أو "الحالة" التي تكون فيه الأنفس وهي تتهيّأ للانتقال إلى الأبديّة. ومكان هذا "السجن" ليس في الحياة الأرضيّة، أي هو ليس ماديًّا».

وأكّد ناصر أنّ «الرسول بولس في رسالته الأولى إلى أهل قورنتس، لا يتحدّث عن الدينونة الأخيرة التي فيها سيحاسب الله كلّ إنسان، بل عن "أعمال الإنسان" التي ستُمتحَن بالنار. "وهذه النار ستمتحن قيمة عمل كلّ واحد. فمن بقي عمله الذي بناه على الأساس نال أجره. ومن احترق عمله كان من الخاسرين، أمّا هو فسيخلص، ولكن كمن يخلص من خلال النار" (قورنتس الأولى 3: 11-15)».

واستطرد ناصر شارحًا الصورة الرمزيّة لـ«النار» فهي نار التطهير (متى 3: 12) والنار التي تحرق (رسالة تسالونيقي 1: 7-8). فالنار رمز للحديث عن دينونة الله. وبعض الأعمال سيُحرَق بالنار وبعضها الآخر يُطهّر بالنار. فهذه الأخيرة تخلص ويبقى منها الجوهري والأساسي فقط.

وفي الختام، قد يقول قائل إنّ النصوص الكتابيّة تذكر امتحان أعمال الإنسان وليس شخصه، من دون إشارةٍ إلى تطهير هذا الأخير بالنار. لكن لنتذكّر أنّ خطايانا نرتكبها «بالفكر، والقول والفعل والإهمال» كما نقول في القداس، لذلك نحن محتاجون إلى تطهير.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته