"يسوع" الشخصيّة الأكثر تأثيرًا في الفكر الوجداني

تمثال يسوع المسيح يسوع المسيح | provided by: Unsplash

يعتبر يسوع المسيح من الشخصيّات الأكثر تأثيرًا في الفكر الوجدانيّ عبر التّاريخ، والتي من دون شكّ، شغلت الباحثين والنّقّاد الطّامحين لبلوغ الحقيقة الأكمل.

لنقرأ ما كتب في الإنجيل وما أورده الأديب اللبنانيّ "جبران خليل جبران" في كتابه: "يسوع ابن الإنسان"، فنرى "جبران" يصوّره كما يراه من خلال مشاعره وخياله، وليس كما يصوّره الكتاب المقدّس. إنّ "يسوع" وفق "جبران" مولود من أمّ وأب في النّاصرة وليس في بيت لحم من العذراء "مريم". فيروي الأحداث كما يراها، يحذف ويضيف ما يشاء. كما أنّ "يسوع" الكلمة تجسّدت وصارت إنسانًا بيننا وغنّت له أناشيد المحبّة على إيقاع نبضه، وبنيت له الكنائس صدى لصوته الجبار، بينما "يسوع" "جبران" زرعت كنائس "بشرّي" في أعماقه ترانيم الحرّيّة والصّلابة. ومن ثمّ، إنّ "يسوع" في الإنجيل دُعي إلهًا مخلّصًا، أمّا "يسوع" عند "جبران" فهو تماثيل منحوتة بريشة فنان.

وفي الغوص أكثر في القراءة، نجد أنّ "يسوع" عند "جبران" لا ضعف فيه وهو يعلو فوق الحزن والألم. وهو رمز للابتسامة والفرح. و"يسوعه" أيضًا لا يرى الغبطة في الفقر، ولا يبشّر بالتّواضع. ونشير إلى أنّ أحداث هذه القصة، جرى تداولها بين سبعة وسبعين شخصًا، سطع أسماء معظمهم في الكتاب المقدّس، ومنهم: "متى" و"بطرس" و"يوحنا المعمدان" و"مريم المجدلية" وغيرهم... فمن خلال شخصيّة "متى" أظهر "جبران" عظمة المسيح عندما خاطب تلاميذه على جبل الزّيتون، فأخبر "متى":" هكذا تكلّم "يسوع"، وقد رغبت بالسّجود أمامه إجلالًا واحترامًا". وتابع "جبران" وصفه لـ"يسوع" من خلال "بطرس"، قال ربّي ومعلّمي مرّة في كفرنحوم، أحبّوا جاركم كما أنا أحببتكم، وأجاز بعدها باختصار أنّ يسوع سيحارب ولكن صوته سيبقى الأعلى بساحة الحرب بواسطة "يوحنا المعمدان"، الّذي ردّد لعلّهم يلقون أيديهم عليه أيضًا، ولكنهم لم يفعلوا ذلك قبل أن يتلفظ بكلّ أقواله وسيغلبهم، سيخرجون عليه بالسّيوف والحراب، ولكنه سينتصر عليهم بقوّة الرّوح...

ويختم "جبران خليل جبران" سيرة "يسوع ابن الإنسان" بالمقارنة بين ما يؤمن به البشر، ومن هو "يسوع" الحقيقيّ، ويعتبر أنّ الأنانيّة تجتاح عقول المؤمنين، إذ إنّهم يقدّمون التّرانيم والقداديس لأجل ذاتهم السّجينة. ويخاطب "جبران" "يسوع" الإنسان معتبرًا حياته بطولة إنسانيّة، غيّرت ملامح البشريّة. ويشتم سكان الأرض لأنّهم يبغضون بعضهم بعضًا، واعدًا غير المؤمنين بالتناقص. ويروح ويسألهم بلسان "مريم" المجدليّة: فهل يجب أن تكسروا عودكم وقيثارتكم لتشاهدوا الموسيقى فيهما؟ أو هل يجب أن تقطعوا الشّجرة قبل أن تقدموا على الايمان بثمارها؟

فمن هنا، وبعد هذه الوقفة مع "يسوع ابن الإنسان"، رأينا كيف جاءت رؤية "جبران" له، عاكسة من دون شكّ أسلوبه المتميّز بنقل الأحداث، بطريقة تنسجم مع فكره وبيئته وتطوّر العصر.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته