لمَ يصلّي الكاثوليك لموتاهم على مدار السنة؟

صلاة الأنفس لساليلي (1937) في كنيسة مار مرقس-ميلانو، إيطاليا صلاة الأنفس لساليلي (1937) في كنيسة مار مرقس-ميلانو، إيطاليا | مصدر الصورة: Renata Sedmakova/Shutterstock

في يوم تذكار الموتى المؤمنين، ترفع الكنيسة الكاثوليكية صلواتها من أجلهم. ولكن لمَ يصلي الكاثوليك لأنفس موتاهم على مدار السنة؟ وهل تؤمن الكنيسة حقًّا بوجود المطهر؟

أوضح الأب بول أوكلاغان، كاهن في أوبوس داي (حبرية الصليب المقدّس وعمل الله) وأستاذ اللاهوت في جامعة الصليب المقدس في روما، أنّ الصلاة للموتى لها جذور عميقة في التقليد المسيحي. وأضاف في حديثٍ إلى وكالة الأنباء الكاثوليكية، شريك إخباري لـ«آسي مينا» باللغة الإنجليزية: «المطهر مسعى جماعي للكنيسة، لا عقيدة فردية».

وتعزز الصلاة للموتى الشعور بالتضامن مع أولئك الذين انتقلوا. ويؤكد أوكلاغان أنّ المسيح، باعتباره مخلصنا، يحررنا من خطايانا. والكنيسة، باعتبارها جسد المسيح، تؤدي دورًا في هذه المسيرة الخلاصية.

وبحسب أوكلاغان، إنّ عقيدة المطهر تجسيد لرحمة الله. إذ توفّر فرصة للتطهير النهائي بعد الموت. «ما أجمل أن يكون الله على درايةٍ بالطبيعة البشرية الساقطة فيقدّم لها مسارًا للتطهير بعد الموت».

وعن الغرض من المطهر يقول أوكلاغان: «ينقّي المطهر الروح بعد الموت. فهو يعالج العيوب والنواقص والجوانب الغامضة في حياة الفرد والتي لا تزال بحاجة إلى حلّ. ووصف القديس توما الأكويني، عالِم اللاهوت البارز، ثلاثة جوانب رئيسة للمطهر: مغفرة الخطايا غير المميتة، وتطهير الميول الخاطئة، وإزالة العقوبة الزمنية.

تجري تنقية الجانبَين الأولَين عبر محبة المسيح العميقة. أمّا الجانب الثالث، الذي غالبًا ما يُوصف بأنه دَيْنٌ أخلاقي، فيتنقّى من خلال صلوات المسيحيين الآخرين. وتُعدّ عملية التطهير هذه جزءًا أساسيًّا من الرحلة نحو القداسة».

موقف المسيحيّين غير الكاثوليك

عمّا إذا كان المسيحيون غير الكاثوليك يؤمنون بالمطهر، يجيب أوكلاغان: «في السياق المسيحي الأوسع، يرفض البروتستانت بشكل عام مفهوم المطهر. ويعود هذا الاختلاف في المعتقد إلى القرن السادس عشر والإصلاح البروتستانتي.

إذ اعتقد أشخاص مثل مارتن لوثر وجون كالفين أنّ الكاثوليك يرتكبون خطأين: الأول، إنكار قدرة الله الوحيدة على مغفرة الخطايا. والثاني، ربط الخلاص بالأعمال البشرية. ومع ذلك، لأنّنا كاثوليك، ندرك أنّ الخلاص في يدي الله وحده.

وعلينا أن نعترف بأنّ قدرة الله الخلاصية تتدخل في حياتنا، فينبغي استقبالها بذكاء وقلوب مفتوحة. وكما يشير القديس يوحنا الصليب، يُشكّل التطهير رحلة مستمرة تمتد إلى ما بعد هذه الحياة».

وفي ما يتعلق بجذور تعاليم الكنيسة الكاثوليكية عن المطهر يختم أوكلاغان: «تستمد الكنيسة الكاثوليكية عقيدة المطهر من سفر المكابيين الثاني في العهد القديم. وفي هذا السفر، كُرِّم الجنود الذين قُتلوا في المعارك من أجل الله عبر تقديم التضحيات في القدس. وينطوي أيضًا كلٌّ من العهد الجديد ومدوّنات آباء الكنيسة الأوائل على إشارات إلى المطهر، مؤكّدين وجود فكرة الصلاة للموتى منذ بداية الديانة المسيحية. ومع ذلك، لم تعلن الكنيسة رسميًّا عن عقيدة المطهر حتى العصور الوسطى».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته