تذكار الموتى... بين حالة الحزن وبلوغ رجاء القيامة

شموع مضاءة شموع مضاءة | Provided by: Arcaion via Pixabay

تحيي الكنيسة الكاثوليكيّة تذكار الموتى في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، وهو يوم تتذكّر فيه كنيستنا المقدّسة جميع الذين رحلوا عن هذا العالم، ويقع في اليوم التالي لعيد جميع القديسين.

يحملنا تذكار الموتى إلى الاتحاد في الصلاة مع كنيستنا المقدّسة من أجل جميع أحبّائنا وأصدقائنا الذين انتقلوا إلى الحياة الثانية. نتأمّل في حقيقة الوجود من أجل تأكيد إيماننا الراسخ بربّنا يسوع المسيح المنتصر على الموت الذي قال لنا: «أنا هو القيامة والحياة. من آمن بي وإن مات فسيحيا، وكل من كان حيًّا وآمن بي، لن يموت أبدًا» (يو 11: 25-26).

منذ العصور المسيحيّة الأولى، اهتمّت الكنيسة المقدّسة بتذكار الموتى المؤمنين، فأسّس القديس أوديلون تذكارًا لهؤلاء الراقدين على رجاء القيامة في العام 998. وقد حدّده البابا بونيفاسيوس الذي عيّن بدوره أيضًا عيد جميع القديسين. كما يُعَدُّ يوم تذكار الموتى عيدًا رسميًّا في تقويم الكنيسة الكاثوليكيّة، وتُقام في هذا العيد ثلاثة قداديس؛ القداس الأوّل من أجل الكاهن، خادم المسيح المحتفل بالذبيحة الإلهيّة، والثاني من أجل راحة الموتى المؤمنين. أمّا الثالث والأخير، فيحتفل الكاهن به من أجل الحبر الأعظم.

وتكمن أهميّة الاحتفال في الإفخارستيّا على نيّة نفوس أمواتنا في أننا من خلال هذه المشاركة مع بعضنا البعض في الذبيحة الإلهيّة نؤكد حضور «المسيح الذي مات، ثمّ قام، وهو إلى يمين الله يشفع لنا» (رو 8: 34)، كما أنه حاضر في كنيسته بوجوه مؤمنيه: في كلامه وفي صلاة كنيسته إذ «حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فأنا أكون هناك في وسطهم» (متى 18: 20). من هنا، نسأل إلهنا أن يرحم الموتى لكي يتنعّموا بفرحه الأزلي في جوار القديسين الأطهار.

يجمع الاحتفال بتذكار الموتى الشعور بالحزن والرجاء في الوقت عينه؛ يولّد القبر من دون شكّ المشاعر الأليمة في أعماقنا ويذكّرنا بالموت، لكن وسط هذا الحزن الشديد، بينما نحن نحمل الورود لمن غابوا عنا، يمتزج حينئذٍ الحزن بالرجاء الذي منحنا إيّاه المسيح حين فتح لنا الباب من أجل الدخول إلى فرح الحياة الأبديّة: «كلّ من يرى الابن ويؤمن به تكون له الحياة الأبديّة، وأنا أقيمه في اليوم الأخير» (يو 6: 40).

يا أبانا، نطلب منك أن تستجيب صلاتنا، حوار القلب والروح معك، وتمنحنا العزاء في حياتنا. كما نسألك أن تهب جميع أحبّائنا الذين انتقلوا إليك، باسم يسوع المسيح وروحك القدوس، نعمة أن يكونوا معك اليوم في الفردوس...

الراحة الأبديّة أعطهم يا ربّ، ونورك الدائم فليضئ لهم. آمين.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته