من مضطهِد إلى مضطهَد... طهمزكرد شفيع كنيسة كركوك

كنيسة مار طهمزكرد في كركوك-العراق كنيسة مار طهمزكرد في كركوك-العراق | مصدر الصورة: Mesopotamiaheritage.org

وقع المسيحيون في منطقة كرخ سلوخ، كركوك الحالية شمالي العراق، ضحايا اضطهاد رهيب مطلع القرن الخامس، إذ استُشِهد عشرات الآلاف في حملة قادها الحاكم طهمزكرد بتكليف من الملك الفارسي يزدجرد (399-420) ضدهم لحملهم على جحد إيمانهم والسجود للنار.

أرسل طهمزكرد ورفاقه «رجالًا لا يعرفون للرحمة معنًى، وأوصوهم بأن يأتوهم بجميع المسيحيين مخفورين لكي يهلكوهم إن لم يجحدوا إيمانهم»، وفق رواية كتاب «شهداء المشرق» للأب ألبير أبونا. وسط هذه الضيقات، لجأ يوحنّان أسقف كرخ سلوخ إلى الكنيسة ولزمها مع رعاياه عاكفين على الصلاة. لكنّ الحاكم أمر بحبسه واستنطاقه، وإذ كان في طريقه إلى السجن رفع يوحنّان صوته وقال لطهمزكرد: «السلام عليك أيها الحاكم والمحكوم عليه. السلام عليك أيها المؤدِّب والمؤدَّب. السلام عليك أيها المجوسي والمعترِف والشهيد... ها أنّي أراك مزمعًا أن تُصْلَب منكّس الرأس نظير شمعون الصفا في سبيل المسيح». 

وبأمر الحاكم، نُهِبَت أموال مسيحيي كرخ سلوخ، وقُبِضَ عليهم وعلى مسيحيي المناطق المجاورة، أساقفةً وكهنةً وشمامسةً ومؤمنين، فاقتيدوا بهمجية وشراسة «ويقال أنّ عددهم كان يربو على 133 ألف شخص فضلًا عن عشرين ألفًا من سكان كرخ سلوخ». ومن الذين قُتِلوا مسكنته الحلوة (شيرين). 

لكن حينما عاين طهمزكرد شجاعة الشهداء وإقدامهم على التضحية بحياتهم حبًّا بالمسيح، أشرق نور الإيمان في قلبه. وبحسب رواية «شهداء المشرق»، يُقال أنّه رأى سلّمًا نورانيًّا بين الأرض والسماء، يرتقيه جميع الشهداء الذين قتلهم يستقبلهم الربّ في السماء مكلِّلًا رؤوسهم بأكاليل النور. فراح طهمزكرد يصرخ: «أنا مسيحي».  

ولمّا بلغ خبر اهتدائه مسامع الملك يزدجرد، أمر باستنطاقه وتعذيبه «وبعد أن جرّبوا عليه... شتّى أنواع العذابات ولم يتخاذل في جهاده، أمر الملك بأن يعلّق على الصليب منكَّس الرأس» فنال إكليل الشهادة في 25 سبتمبر/أيلول عام 445 محقِّقًا نبوءة يوحنّان.

وتقع اليوم كنيسة مار طهمزكرد المعروفة بالكنيسة الحمراء في كركوك بموضع «بيث تيتا- التينة» حيث سبق واستشهد مسيحيون كُثر زمن الاضطهاد الأربعيني (339-379)، وحيث استُشهِد عشرات الآلاف من المسيحيين بأمر طهمزكرد. وتحتفل الكنيسة الكلدانية في 29 سبتمبر/أيلول كلّ عامٍ بتذكاره. صلواته معنا.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته