مسكنته الشهيدة… تركت خبز الأرض لتنعم بالخبز السماويّ

القديسة مسكنته وولداها القديسة مسكنته وولداها | مصدر الصورة: كنيسة القديسة مسكنته

قد يبدو ذكر الشهيدة مسكنته وولدَيها هامشيًّا ضمن رواية كتاب «شهداء المشرق» للأب ألبير أبونا لقصّة اضطهاد «كرخ سلوخ-كركوك الحالية» شمالي العراق، لكنّ قصّة استشهادها لا تزال ملهمةً لأجيال من محبّي القديسة وطالبي شفاعتها. 

تحتفظ القديسة مسكنته بمكانتها في الكنيسة الكلدانيّة التي تحتفل بتذكارها في 25 سبتمبر/أيلول من كلّ عام.

جذور موغلة في القدم

للمسيحيّة جذورها في «كرخ سلوخ» العريقة، وينسب الكتاب تبشيرها إلى مار أدّي ومار ماري في القرن الأول، وشهدت لاحقًا قرونًا من الازدهار والانتشار. لكنّ مسيحيّيها عانوا اضطهادًا شديدًا ومجازر رهيبة بأمر من الملك الفارسي «يزدجرد» في مطلع القرن الخامس، على يد الحاكم «طهمزكرد» ليستشهد على يديه آلافٌ من مسيحيّيها، إكليروسًا ومؤمنين، قبل أن يهتدي ويستشهد في سبيل إيمانه المسيحي. 

تركت عجينها

في خلال الاضطهاد المرير «كانت ثمّة امرأة من عشيرة زادوق اسمها شيرين تخبز في البيت. فما إن بلغها خبر استشهاد هؤلاء القدّيسين، تركت خبزها وعجينها، وأخذت ولديها أحدهما على كتفها والآخر بيدها،  وركضت والتقت الحاكم طهمزكرد» بحسب أبونا.

وتستطرد الرواية موضحةً أنها «أمسكت بلجام حصانه واستحلفته، باللغة الفارسية، ألّا يحرمها من تلك الطريق التي سلكها الشهداء» فاستولت الدهشة على طهمزكرد وحاول ثنيها عن عزمها، إلّا أنّ رغبتها في الشهادة كانت ثابتة.

أمر الحاكم بقطع رأسها ورأس ابنها الأكبر. فارتمى الصغير باكيًا فوق جثتَي أمه وأخيه متمسّحًا بدمائهما رافضًا الإغراءات لتركهما، «فأجهز هؤلاء القساة عليه أيضًا» لينال إكليل الشهادة، وتغدو تضحية مسكنته وولدَيها النور الذي هدى طهمزكرد إلى المسيحيّة.

الجدير بالذكر أنّ اسم «مسكنته» يعني بالسريانيّة المسكينة وهو لقب القديسة، واسمها «شيرين» ويعني بالفارسيّة «حلوة». وفي الموصل كنيسة تاريخيّة، هي الوحيدة في العراق على اسم الشهيدة مسكنته.

وحملت كنيسة أخرى في بغداد اسم مسكنته، كما يذكر كتاب «كنائس نصارى العراق في العهد العثماني» لرفائيل بابو إسحق الذي يشير إلى بناء كنيسة للكلدان على اسم العذراء مريم أواسط القرن الثامن عشر «ثم أتوا بذخيرة من ذخائر القديسة مسكنته التي استشهدت مع ابنَيها في كرخ سلوخ، فتغلّب اسم القديسة مسكنته على هذه الكنيسة». ويرجّح إسحق أنّ هذه الكنيسة تتبع اليوم الأرمن الأرثوذكس «ولا يزال العامة يسمونها بهذا الاسم».

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته