من هي الشهيدة «يزداندوخت» الأربيليّة؟

غلاف كتاب «يزداندوخت، الشريفة الأربيليّة» غلاف كتاب «يزداندوخت، الشريفة الأربيليّة» | Provided by: Georgina Bahnam/ACI MENA

تحتفل الكنيسة الكلدانيّة بتذكار الشهيدة «يزداندوخت» الأربيليّة هذا العام في 7 يوليو/تمّوز الحالي. هي امرأة نبيلة دعمت الأبرار قبل استشهادهم وحضّتهم على الصلاة والثبات في الإيمان حتى الرمق الأخير.

قدّمت الكنيسة المشرقيّة على مدى تاريخها كوكبة من المؤمنين الصالحين احتملوا الآلام والاضطهادات ونالوا إكليل الشهادة، واهبين أرواحهم ودماءهم قربانًا على مثال الربّ يسوع، ورافضين أن يجحدوا إيمانهم المسيحي، فعُرفت كنيسة المشرق بأنها كنيسة الشهداء.

«اضْطُهِدَ المسيحيّون منذ البداية بسبب إيمانهم وممارساتهم المتميّزة عن الآخرين. وثمّة سلسلة طويلة من الشهداء في بلاد الرافدين، يُنسب جمع أسمائهم وذخائرهم وتنظيم ترانيم لهم للأسقف ماروثا الميافرقيني (350-420)»، بحسب البطريرك الكلداني الكاردينال لويس ساكو.

تكرّم الكنيسة شهداء الإيمان وتحتفل بتذكاراتهم على مدار السنة الطقسيّة. في هذا الصدد، تحتفل الكنيسة الكلدانيّة اليوم بتذكار الشهيدة «يزداندوخت» الأربيليّة التي ورد ذكرها في كتاب «شهداء المشرق» للأب ألبير أبونا ضمن روايته لـ«استشهاد الـ120 شهيدًا» في السنة الخامسة من اضطهاد شابور، حينما سُجِنَ في ساليق 120 من الكهنة والرهبان والراهبات والشمامسة الرافضين السجود لغير الله، من مختلف البلدان. وكانت «ثمّة امرأة نبيلة اسمها يزداندوخت، ومعناه "ابنة الإله يزدان" من منطقة حدياب ومن مدينة أربيل، قامت بسدّ احتياجات هؤلاء الشهداء طوال مكوثهم في السجن وأنفقت عليهم من مالها الخاص».

واستطرد أبونا ذاكرًا أنها حينما علمت أنهم سيُقتلون في اليوم التالي، أعدّت لهم مأدبةً فاخرة وتولّت خدمتهم بنفسها، بل غسلت أرجلهم وألبستهم ثيابًا جديدة ناصعة البياض، عوض ثياب السجن، كأنّها هيّأتهم للزفاف. وكانت تساندهم قائلةً: «تشجّعوا بالربّ وتقوّوا بما وعدنا به في إنجيله... لكي تُؤَهَّلُوا للنصيب الأفضل، وهو الاستشهاد في سبيل يسوع الذي أحببتموه».

وصباح يوم استشهادهم، توجّهت إلى السجن وشجّعتهم على الصلاة والثبات، متمنّية أن يلتمسوا لها من ربّهم المحبوب أن تلاقيهم في الملكوت. ووقفت لحظة اقتيادهم إلى الموت تودّعهم وتقبّل أياديهم وأقدامهم، قبل أن يقضوا بقطع رؤوسهم بالسيف إذ «استشهد المظفّرون في السادس من نيسان 346، وكانوا 111 رجلًا وتسع نساء».  

وحول هذه النواة التاريخيّة، نسج المطران سليمان صائغ روايته الشهيرة «يزداندوخت، الشريفة الأربيليّة» عام 1934، وأعاد طبعها عام 1953، بحسب أبونا.

تحكي الرواية عن «يزداندوخت» ابنة الأسرة الوثنيّة العريقة، واعتناقها المسيحيّة وسط أحداث الاضطهاد في زمن شابور الثاني الملقّب بذي الأكتاف. أحبّت «ساسان» الوثني الذي اعتنق المسيحيّة واستشهد في سبيلها. أمّا «يزداندوخت»، فقضت عمرها في التضحية والعفّة والشهادة.

لطالما كرّم المسيحيّون الشهداء وطلبوا شفاعتهم إذ «إن تذكار الشهداء يؤثر تأثيرًا مذهلًا على أفكار الشعب لأنه يشدّدهم ضد محاربات إبليس ويحصّنهم إزاء الأفكار والتصوّرات الشريرة»، بحسب القديس يوحنا الذهبي الفم.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته