ما دور القديس شمعون برصبّاعي في تاريخ الكنيسة المشرقيّة؟

القديس شمعون برصبّاعي القديس البطريرك شمعون برصبّاعي | Provided by: Wikimedia Commons

يحتل القديس الجاثليق البطريرك شمعون برصبّاعي مكانةً متميّزة ومهمّة في تاريخ كنيسة المشرق. في فترة بطريركيّته القصيرة نسبيًّا (329-341)، كان له دورٌ فاعل في تنظيم الليتورجيا المشرقيّة، فهو الذي رتّب تقسيم المرتّلين إلى جوقَيْن يتناوبان على ترداد الصلوات، وإليه تُنسب ترتيلة «لا خومارا دخلّا مودينان» (بكَ يا ربّ الكل نعترف) التي ما زالت تُرَتَّلُ في القداس المشرقي حتى يومنا الحالي.

شَهِدَ العام 341 بداية الأحداث المؤلمة عندما فرض الملك الفارسي شابور الثاني استحصال جزية استثنائيّة مضاعفة من المسيحيين في مملكته، متّهمًا إيّاهم بالولاء للإمبراطوريّة الرومانيّة المسيحيّة التي كان في صراعٍ معها. وكلّف بطريرك كنيسة المشرق شمعون برصبّاعي باستحصال هذه الأموال.

رفض برصبّاعي الامتثال لأمر الملك بأن يتولّى جمع الجزية الباهظة من مؤمنيه الفقراء، معتذرًا لكونه ذا سلطانٍ على الإيمان وليس على الأموال. فغضب الملك وأمر بحبس الأساقفة والكهنة والرهبان وتعذيبهم، وكان البطريرك على رأس المحبوسين الذين فاق عددهم المئة.

يذكر تقليد كنيسة المشرق أن هؤلاء الأساقفة والكهنة واظبوا على الصلاة وترتيل المزامير في سجنهم حتى إن برصبّاعي أقام الذبيحة الإلهيّة، محتفلًا بعيد الفصح على ظهر أحد الكهنة.

وحينما مثلوا أمام الملك يوم الجمعة العظيمة في العام 341، رفضوا أن يجحدوا إيمانهم المسيحي، فأمر بقطع رؤوسهم لينالوا جميعًا إكليل الشهادة. باستشهادهم، بدأت الحقبة المظلمة المعروفة بالاضطهاد الأربعيني، والتي أسفرت في خلال ما يقارب الأربعين عامًا (339-379) عن استشهاد آلاف المسيحييين في بلاد ما بين النهرين.  

يذكر التقليد أن رداء برصبّاعي تضرّج بالدماء مصطبغًا باللون الأحمر إثر قطع رأسه، فتبنّت كنيسة المشرق منذئذٍ تقليد ارتداء البطريرك الرداء الأحمر، في إشارة إلى بطريركها الشهيد والاستعداد الدائم للاستشهاد في سبيل الإيمان.

الجدير بالذكر أن «الجاثليق» كلمة معرّبة عن «قاثوليقي» السريانيّة المأخوذة بدورها من «كاثوليكوس» اليونانيّة التي تعني العام، أي الرئيس العام. أمّا اسم «سمعان»، فيعني «سميع»، و«بَر صبّاعي» متكوّنة من كلمتين سريانيّتين: «بَر» ومعناها «ابن»، و«صبّاعي» ومعناها «الصبّاغين»، فيكون سميع ابن الصبّاغين.

 

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته