إزنيق, الخميس 27 نوفمبر، 2025
تنطلق اليوم رحلة البابا لاوون الرابع عشر إلى تركيا، وتتضمّن إحدى أهمّ محطّاتها غدًا زيارة مدينة إزنيق (نيقيا) التي مرّت على انعقاد المجمع المسكوني الأوّل فيها 1700 سنة. لكن لماذا اختيرت هذه المدينة لعقد هذا المجمع عام 325؟
لم يُعقد مجمع نيقيا بقرار كنسي أو بمبادرة من الإكليروس المسيحي، بل دعا إليه الإمبراطور قسطنطين الكبير. لذا كان تحديد المكان من اختياره الشخصي. وقد حدّد أوّلًا مدينة أنقرة (عاصمة تركيا حاليًّا)، لكنّه غيّر رأيه ناقلًا المكان إلى نيقيا لأسباب عدة مرجّحة:
أوّلًا: تسهيل وصول الأساقفة الغربيّين (رغم قلّة عددهم)، وقربها في الوقت عينه من كنائس إفريقيا وآسيا. وبما أنّ نيقيا مدينة تجارية، كان الوصول إليها سهلًا من جهات متعدّدة في الإمبراطورية.
ثانيًا: كانت نيقيا المدينة الثانية في إقليم بيثينيا، ولم تكن بعيدة عن نيقوميديا؛ مقرّ قسطنطين ومركزه الإداري بعد انتصاره على ليكينيوس عام 324. لذا كان سهلًا على الإمبراطور التوجّه منها إلى نيقيا، مبتعدًا عن البلاط والضغوط السياسية. كما أنّ نيقوميديا كانت تحتضن الأسقف يوسابيوس، أبرز مناصري آريوس، فرغب قسطنطين في اختيار مدينة أخرى تخفّف تأثير هذا الطرف، وتوفّر جوًّا أنسب لمناقشة الخلافات الكنسية. في المقابل، تمتّعت نيقيا بحضور مسيحي لافت، ووقف مسيحيوها موقفًا محايدًا بين الفريقين المتصارعين.

