زيارة البابا لاوون نيقيا... كيف حُدِّد مكان انعقاد المجمع المسكونيّ الأول؟

مدينة إزنيق (نيقيا) مدينة إزنيق (نيقيا) | مصدر الصورة: Dosseman via wikimedia commons CC BY-SA 4.0

تنطلق اليوم رحلة البابا لاوون الرابع عشر إلى تركيا، وتتضمّن إحدى أهمّ محطّاتها غدًا زيارة مدينة إزنيق (نيقيا) التي مرّت على انعقاد المجمع المسكوني الأوّل فيها 1700 سنة. لكن لماذا اختيرت هذه المدينة لعقد هذا المجمع عام 325؟

لم يُعقد مجمع نيقيا بقرار كنسي أو بمبادرة من الإكليروس المسيحي، بل دعا إليه الإمبراطور قسطنطين الكبير. لذا كان تحديد المكان من اختياره الشخصي. وقد حدّد أوّلًا مدينة أنقرة (عاصمة تركيا حاليًّا)، لكنّه غيّر رأيه ناقلًا المكان إلى نيقيا لأسباب عدة مرجّحة:

أوّلًا: تسهيل وصول الأساقفة الغربيّين (رغم قلّة عددهم)، وقربها في الوقت عينه من كنائس إفريقيا وآسيا. وبما أنّ نيقيا مدينة تجارية، كان الوصول إليها سهلًا من جهات متعدّدة في الإمبراطورية.

ثانيًا: كانت نيقيا المدينة الثانية في إقليم بيثينيا، ولم تكن بعيدة عن نيقوميديا؛ مقرّ قسطنطين ومركزه الإداري بعد انتصاره على ليكينيوس عام 324. لذا كان سهلًا على الإمبراطور التوجّه منها إلى نيقيا، مبتعدًا عن البلاط والضغوط السياسية. كما أنّ نيقوميديا كانت تحتضن الأسقف يوسابيوس، أبرز مناصري آريوس، فرغب قسطنطين في اختيار مدينة أخرى تخفّف تأثير هذا الطرف، وتوفّر جوًّا أنسب لمناقشة الخلافات الكنسية. في المقابل، تمتّعت نيقيا بحضور مسيحي لافت، ووقف مسيحيوها موقفًا محايدًا بين الفريقين المتصارعين.

ثالثًا: تتمتّع المدينة ببنية تحتية متطوّرة، تشمل قصرًا إمبراطوريًّا وساحة واسعة صالحة لاستضافة مئات الأساقفة وتنظيم الاجتماعات، بالإضافة إلى طقسها اللطيف والمعتدل. أمّا القسطنطينية، ورغم أنّها تبعد نحو 90 كيلومترًا فقط عن نيقيا، فإنّ أعمال بنائها بصفتها عاصمةً جديدة للإمبراطورية لم تكن قد اكتملت بعد، إذ بدأت الأعمال العمرانية فيها قبل نحو عام واحد فقط من انعقاد المجمع. 

أمّا السبب الأخير الذي يستنتجه بعض الباحثين فيتعلّق باسم «نيقيا» المشتق من الكلمة اليونانية المرتبطة بـ«نِكي» والتي تعني النصر. لذا، يُفهم اسم المدينة بأنّه «مدينة النصر» أو بأنّه يرمز إلى فكرة الغلبة. وقد اقترن هذا المعنى بالتصوّر السياسي-الديني في زمن قسطنطين، إذ شاعت قصة رؤيته للصليب في إحدى معاركه مع العبارة الدالّة على الانتصار: «بهذا تغلب». وهكذا صار لاسم نيقيا بعدٌ رمزيّ باعتبارها موضعًا يحمل دلالة النصر.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته