البابا فرنسيس: هناك حاجة ضروريّة لإصلاح حضارتنا

البابا فرنسيس يحيّي حشدًا من الشبّان والشّابّات في ساحة القدّيس بطرس في 1 حزيران 2022 البابا فرنسيس يحيّي حشدًا من الشبّان والشّابّات في ساحة القدّيس بطرس في 1 حزيران 2022

أجرى البابا فرنسيس المقابلة العامّة الأسبوعيّة، اليوم الأربعاء 1 أيّار في ساحة القدّيس بطرس في الفاتيكان. وفي كلمته، دعا لضرورة عدم إخفاء شيخوختنا مُعتبرًا أنّ هذا أمر مهمّ لإصلاح الحضارة الحاليّة التي نعيش فيها.

صلاة المسنّين من المزمور 71

استلهم البابا اليوم شرحه من المزمور 71. إذ قُرئت في بداية المقابلة الآيات التالية من المزمور 71، 5-6. 20-21: «فإِنَّكَ أَنتَ أَيُّها السَّيِّدُ رَجائي وأَنتَ أَيُّها الرَّبُّ مُنذُ صِبايَ مُعتَمَدي. مِنَ الرَّحمِ علَيكَ اعتَمَدتُ، ومِن بَطنِ أُمِّي أَنتَ أَخرَجتَني، ولَكَ في كُلِّ حينٍ تَسْبِيحي. [...] أَنتَ الَّذي أَراني كَثيرًا مَضايِقَ كَثيرةً وشُرورًا. لكِنَّكَ تَعودُ فتُحْيِيني، ومِن أَعماقِ الأَرضِ تُصعِدُني، تَزيدُ في قَدْري، وتَرجِعُ فتُعَزِّيني».

المسنّون يتعرّضون للخداع والانتهازيّة

وشرح البابا عن المزمور 71 قائلًا: «صلاة كبار السّنّ الجميلة التي نجدها في المزمور الواحد والسبعين، والتي أصغينا إليها، تشجّعنا على التأمّل في التّوتر الشّديد الذي يسود حالة الشّيخوخة». وأشار الأب الأقدس أنّ المسنّين في عصرنا يتعرّضون للإقصاء والانتهاز، فيعيشون: «وقت عزلة، الكلّ يتركك فيه، وخداع ومراوغة وغطرسة، يتعرّض لها المُسِنّ. إنّها نوع من الإذلال الذي صِرْنا مختَصِّين فيه في مجتمعنا». كما يتعرّض المسنّون في أحيان عدّة، بحسب البابا، للخداع للاستيلاء على مدّخراتهم. ويضاف إلى ذلك أنّه يتمّ: «التخلّي عنهم في دور المسنّين، دون أن يزورهم أبناءهم، وإن زاروهم، فيزورونهم مرات قليلة في السنة. يتمّ وضع كبار السّنّ بالتحديد في زاوية الحياة».

المسنّون كنز

واعتبر البابا أنّ المسنّين كنز. لذا يجب على المجتمع بأسره أن يسرع ليهتمّ برعايتهم. ووصّف البابا الوضع الثقافي الحالي الذي نعيش به قائلًا أنّ مشكلة المسنّين ليست طارئة بل: «سمة من سمات ثقافة الإقصاء التي تسمّم العالم الذي نعيش فيه». كما ذكّر كيف يتساءل العديدون اليوم إن كان المسنّون يستحقّون البقاء، لذلك يميل العديدون لإخفاء ضعفهم ومرضهم وعمرهم وشيخوختهم خوفًا أن تكون تلك الحالات ”غرفة انتظار“ قبل أن يفقدوا كرامتهم. وتساءل البابا: «لماذا الحضارة الحديثة، المتطوّرة والفعّالة، هي غير مريحة أمام المرض والشّيخوخة، بل تخفي المرض وتخفي الشّيخوخة؟ ولماذا السياسة، التي تبدو شديدة الالتزام بتعريف حدود العيش الكريم، هي في نفس الوقت عديمة الإحساس لتوفّر للمسنّين والمرضى حياة فيها كرامة ومودّة؟».

وهنا قرأ البابا فرنسيس تعليق القدّيس أغسطينوس على هذا المزمور وهو الذي يحثّ المسنّين قائلًا: «لا تخف من أن تُترك في شيخوختك. [...] لماذا تخشى أن يتخلّى عنك [الرّبّ]، ويرفضك في زمن الشّيخوخة، عندما تضعف قوتك؟ بل ستكون قوّته فيك بالتحدّيد في الوقت الذي تضعف فيه قوّتك». وأكّد البابا أنّ الخُزي: «يجب أن يقع على الذين يستغلّون ضعف المرض والشّيخوخة. أمّا الصّلاة فتجدّد وعد أمانة الله وبركته في قلب المسنّ. وكبير السّنّ يكتشف من جديد الصّلاة ويشهد على قوّتها».

يسوع لم يرفض قطّ صلاة المحتاجين

وشرح البابا أنّ يسوع لم يرفض قطّ في الإنجيل صلاة المحتاجين. من هنا رأى البابا أنّ: «المسنّين، بسبب ضعفهم، يمكنهم أن يعلّموا الذين يعيشون في أعمار مختلفة في الحياة أنّنا جميعًا بحاجة إلى أن نسلّم أنفسنا لله، ونطلب مساعدته. بهذا المعنى، علينا جميعًا أن نتعلّم من الشّيخوخة: نَعم، هناك نعمة في أن نكون كبارًا في السّنّ، وهذه النعمة تُفهَم على أنّها تسليم أنفسنا لرعاية الآخرين لنا، بدءًا من الله نفسه».

في الضعف سلطة تعليميّة

المزيد

وختم البابا مقابلته شارحًا أنّ: «هناك إذن ”سلطة تعليميّة للضعف“»، لذلك دعا لعدم إخفاء الضعف. كما اعتبر أنّه علينا «ألّا نخفي الشّيخوخة، وألّا نخفي ضعف الشّيخوخة. هذا درسٌ لنا جميعًا. هذه السّلطة التعليميّة تفتح أفقًا حاسمًا لإصلاح حضارتنا. وهو إصلاحٌ أصبح الآن لا غنى عنه حتى نعرف كيف نعيش كلّنا معًا».

وشدّد البابا على ضرورة عدم تهميش كبار السّنّ، فكرًا وعملًا لأنّه يُفسد جميع فصول الحياة، وليس فقط للمتقدّمين في السّنّ. ودعا البابا الجميع ليتذكّروا أنّهم سيكونون كبارًا في السنّ يومًا لذلك: «كما تُحبّ أن تُعامَل في وقت الشّيخوخة، عامِل كبار السّنّ اليوم. إنّهم ذاكرة العائلة، وذاكرة البشريّة، وذاكرة البلد». وانهى البابا بضرورة الحفاظ على كبار السنّ.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته