في قلب الفاتيكان… ضريح للبابا نَحَتهُ فنّان بروتستانتيّ

ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة | مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز

مَن يَزُر بازيليك القدّيس بطرس في الفاتيكان، يُدهَش بعظَمة الفنّ في كلّ زاوية من زواياها: تماثيل شاهقة نُحِتت من أنقى أنواع الرخام، وفسيفساء تلمع بأجوَد الأحجار، وزخارف من الخشب والحجر والمعدن، كلّها من صنع فنّانين عاشوا الإيمان الكاثوليكيّ بقلوبهم وأحيوه بمطارقهم. وبين أعظم الأعمال الفنّية في قلب الفاتيكان نصبٌ تذكاريّ فريد يتميّز بأنّه نُحِتَ بِيدَي نحّات بروتستانتيّ.

هذا ما يجعل ضريح البابا بيوس السابع مميّزًا داخل بازيليك القدّيس بطرس؛ إذ نُحِتَ بِيدَي النحّات البروتستانتيّ برتل تورفالدسن (1770–1844)، أحد أبرز الفنّانين الأوروبيّين في زمانه، وهو دنماركيّ الأصل وأمضى معظم سنوات عطائه الفنّي في روما.

ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز
ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز

اكتمل الضريح في عام 1831، ويُصوّر البابا بيوس السابع بهيئةٍ مثاليّة، جالسًا في وضع صلاة وتأمّل. على جانبَيه تنتصب شخصيّتان رمزيّتان تمثّلان القوّة والحكمة. تظهر القوّة ملتفّة بجلد أسد، والحكمة مع الكتاب، وهي إشارات بصريّة دقيقة تروي سيرة البابا من خلال رموز الفضائل.

تحت البابا، نرى ملاكَين صغيرَين: أحدهما يحمل ساعة رمليّة ترمز إلى الزمن، والآخَر يحمل كتابًا مفتوحًا يُمثّل التاريخ. وفي زاوية من النصب، تقف بومة صغيرة منحوتة بدقّة، ترمز إلى حزن البابا العميق في خلال اختطافه ونفيه على يد نابليون.

تفاصيل ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز
تفاصيل ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز

يُذكَر أنّ الكاردينال إركوليه كونسالفي، أقرب مُعاوني البابا، لم ينسَ وفاء الرجل الذي خدمه، ولا الألم الذي تحمّله في منفاه. فباع ما يملكه ليتمكّن من تمويل هذا النصب التذكاريّ ويُخلّد به ذكرى مَن عاش للكنيسة وخَدَمها حتّى الرمق الأخير.

اليوم، تتوزّع أعمال تورفالدسن على أهمّ المتاحف العالميّة: مِن اللوفر في باريس، إلى المتروبوليتان في نيويورك، ومتحف فيكتوريا وألبرت في لندن، والإرميتاج في سان بطرسبرغ، والمتحف الوطنيّ القديم في برلين. غير أنّ متحف تورفالدسن في كوبنهاغن يبقى المكان الوحيد في العالم الذي يجمع إرثه كاملًا.

تفاصيل ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز
تفاصيل ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز

فإذا وجدتُم أنفسكُم يومًا في رحاب الفاتيكان، لا تمرّوا مرور الكرام أمام هذا الضريح الفريد: بينَ رخامه الصامت ورسائله الرمزيّة تحفةٌ من زمن النهضة الكلاسيكيّة الجديدة، صَنَعها نحّاتٌ بروتستانتيّ لتكريم بابا كاثوليكيّ.

ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز
ضريح البابا بيوس السابع في بازيليك القدّيس بطرس الفاتيكانيّة. مصدر الصورة: ويكيميديا كومونز

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته