إيران وإسرائيل والولايات المتّحدة... فصلٌ جديد من حرب طويلة

الصورة: ليس الصراع بين إيران وإسرائيل والولايات المتّحدة جديدًا، ويندرج بتعقيداته الكثيرة في إطارٍ تاريخيّ الصورة: ليس الصراع بين إيران وإسرائيل والولايات المتّحدة جديدًا، ويندرج بتعقيداته الكثيرة في إطارٍ تاريخيّ | مصدر الصورة: miss.cabul/Shutterstock

أثار الهجوم الأميركيّ على منشآت نوويّة إيرانيّة في 22 يونيو/حزيران جدلًا واسعًا داخل الكنيسة الكاثوليكيّة وخارجها.

بعد ساعاتٍ على هذه الغارات الأميركيّة، دعا البابا لاوون الرابع عشر إلى الدبلوماسيّة والتزام السلام. وبينما تحدّث عن «أخبار مقلقة لا تزال ترد من الشرق الأوسط، خصوصًا من إيران»، أشار الأب الأقدس أيضًا إلى الوضع «المأسويّ» في إسرائيل وفلسطين.

لكنّ أصواتًا كاثوليكيّة أخرى كانت أشدّ صراحةً في التعبير عن إدانتها، إذ دعا الفيلسوف الكاثوليكيّ إدوارد فيزر الولايات المتحدة إلى عدم التورّط في «حرب إسرائيل مع إيران»، بينما حذّر المفكّر الكاثوليكيّ البارز سهراب أحمري من التدخّل الأميركيّ منذ البداية، مشيرًا إلى التهوّر في استخدام خطاب «تغيير النظام»، واحتمال خروج النزاع، الخطير أصلًا، عن السيطرة.

هذا الصراع ليس جديدًا، ويندرج بتعقيداته الكثيرة ضمن إطارٍ تاريخيّ. فقد تبادلت إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة ثانية، الضربات منذ تأسيس الجمهوريّة الإسلاميّة، بأساليب مباشرة وغير مباشرة. وقد مارست القوى الثلاث الدبلوماسيّة أحيانًا، وبدا أنّها اتّجهت نحو تهدئة في أحيان أخرى، ثمّ استأنفت الصراع لاحقًا. حتّى إنّ الولايات المتحدة باعت طهران في السابق أسلحةً في شكلٍ سرّي.

إنَّ عداء إيران لكلٍّ من الولايات المتحدة وإسرائيل معروفٌ، وقد شدّد المرشد الأعلى الإيرانيّ علي خامنئي على أنّ هذا الموقف ليس مجرَّد كلام، بل سياسة، وشعار «الموت لأميركا» ليس للاستهلاك الداخليّ فحسب، بل يجب أن يُترجَم إلى أفعال. وتُعَدّ الضربات الأميركيّة على مواقع نوويّة إيرانيّة تتويجًا لسياسة يتبنّاها الحزبان الجمهوريّ والديموقراطيّ في واشنطن، ويَتواصَل اتّباعها منذ عقود، مفادها أنّ «إيران لا يُمكن أن تمتلك قنبلة نوويّة».

وصرَّح جيمي ميتزل، المسؤول السابق في إدارتَي الرئيسَين الأميركيَّين بيل كلينتون وجو بايدن، بأنّ «إيران في حالة حرب مع الولايات المتحدة منذ 46 عامًا»، منذ الهجوم على السفارة الأميركيّة في طهران في نوفمبر/تشرين الثاني 1979.

ومن المؤكّد اليوم أنّ إيران تقف خلف تفجير السفارتَين الأميركيّتَين في بيروت والكويت عام 1983. وفي وقت لاحق من ذلك العام، أدّى هجوم منفصل شنّه في بيروت وكلاء لإيران إلى مقتل 241 أميركيًّا، و58 فرنسيًّا من قوّات حفظ السلام.

كذلك، تتحمّل ميليشيات خاضعة لسيطرة إيران في العراق مسؤوليّة مقتل مئات من الجنود الأميركيّين وإصابتهم خلال الوجود الأميركيّ في العراق بين عامي 2003 و2011.

كما استهدفت إيران دبلوماسيّين ومواطنين إسرائيليّين ويهودًا حول العالم على مدى عقود. وقد ردّت إسرائيل ونجحت في الآونة الأخيرة في ضرب أهداف رئيسة للنظام داخل إيران، حتّى قبل اندلاع الصراع المباشر في 13 يونيو/حزيران.

والإجراءات العسكريّة التي اتّخذتها إدارة ترامب في حقّ إيران ليست جديدة، فالاشتباك المباشر بين الجمهوريّة الإسلاميّة والولايات المتحدة سبق أن حصل عام 1988 حين دمّرت إدارة الرئيس رونالد ريغان أجزاءً من البحريّة الإيرانيّة في «عمليّة فرس النبي».

وسعت إيران أيضًا إلى بسط نفوذها في عواصم عربيّة. فقبل عشر سنوات، أعلن رئيس بلديّة طهران الحاليّ علي رضا زاكاني أنّ بلاده تسيطر على بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء. وترفض واشنطن امتلاك إيران السلاح النوويّ لأسباب عدّة أبرزها احتمال نشوب سباق إلى تسلّح نووي في المنطقة.

قد تكون كلّ من إيران وإسرائيل قد أساءت التقدير بعد الهجوم الذي شنّته حركة حماس في أكتوبر/تشرين الأوّل 2023. وتحذيرات فيزر وأحمري مشروعة، لكنّ دعوة الأب الأقدس إلى السلام تبقى حتّى الآن الموقف الأصدق.

تُرجِمَ هذا المقال عن السجلّ الوطنيّ الكاثوليكيّ، شريك إخباريّ لـ«آسي مينا» باللغة الإنجليزيّة، ونُشِر هنا بتصرّف.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته