طلب رئيس مجمع الكرادلة الكاردينال جوفانّي باتيستا ري صباح اليوم من البابا فرنسيس أن يصلّي للكنيسة ولمدينة روما والعالم أجمع من السماء.
في تمام الساعة العاشرة صباحًا، بدأت جنازة الأب الأقدس بقرع أجراس الحزن في ساحة القديس بطرس الفاتيكانيّة بحضور 200 ألف شخص، وفق ما أعلنت دار الصحافة الفاتيكانيّة، منهم ملوك ورؤساء من مختلف أقطار العالم. واحتفل بالرتبة الكاردينال ري وشاركه كرادلة وبطاركة كاثوليك من الشرق إضافة إلى آخرين أرثوذكس.
جنازة البابا فرنسيس في ساحة القدّيس بطرس-الفاتيكان. مصدر الصورة: دانييل إيبانيز/آسي مينا
صورة راسخة في العقول
أكّد ري في عظته أنّ في الساحة حيث احتفل البابا الراحل بليتورجيّات عدّة في خلال 12 سنة من حبريّته، يجتمع المؤمنون اليوم للدعاء لأجله واثقين بأنّ الكيان البشريّ لا ينتهي بالموت بل بدخول بيت الآب لحياة سعادة أبديّة.
ورأى ري أنّ صورة فرنسيس المصرّ على بركة روما والعالم الأحد الماضي وتحيّة المؤمنين في الساحة ستبقى راسخة في عقولنا. وتوقّف على قول يسوع للقديس بطرس بعد وفاته أن يرعى خرافه بعدما سأله إن كان يحبّه. واعتبر أنّ الخدمة البطرسيّة تكمن في المحبّة على مثال يسوع المعلّم.
جنازة البابا فرنسيس في ساحة القدّيس بطرس-الفاتيكان. مصدر الصورة: إلياس الترك/آسي مينا
اسم «فرنسيس» وبرنامج الحبريّة
أشار ري إلى أنّ الكاردينال بيرغوليو، يوم انتخابه عام 2013 لرعاية الكنيسة خلفًا للبابا بنديكتوس السادس عشر، كان يمتلك خبرة الحياة المكرّسة في الرهبنة اليسوعيّة إضافة إلى 21 سنة من الخدمة الرعويّة في أبرشيّة بوينس آيرس. وعندما اختار برغوليو اسم فرنسيس، تضمّن ذلك برنامجًا لحبريّته بروحيّة القديس فرنسيس الأسّيزي.
عاش البابا بين الناس بقلب منفتح متنبّهًا لجديد المجتمع وإلهامات الروح القدس. وذكر ري أنّ فرنسيس خصّص حبريّته للمهمّشين وحاول إنارة مشكلات عصرنا بحكمة الإنجيل في ضوء الإيمان.
جنازة البابا فرنسيس في ساحة القدّيس بطرس-الفاتيكان. مصدر الصورة: إلياس الترك/آسي مينا
أولويّة الأنجلة والفرح
أضاف ري أنّ فرنسيس عرف التوجّه إلى الجميع بعفويّة. وأكّد أنّ في خلال حبريّته أُعطِيَت الأنجلة وفرح التبشير الأولويّة. وتابع أنّ إحدى أبرز النقاط في خلال خدمة الحبر الأعظم البطرسيّة كانت اعتبار الكنيسة «منزلًا» للجميع و«مستشفى ميدانيًّا»، كي تكون الكنيسة قادرة على الانحناء لكلّ إنسان، رغم المعتقدات والجراحات المختلفة.
جنازة البابا فرنسيس في ساحة القدّيس بطرس-الفاتيكان. مصدر الصورة: إلياس الترك/آسي مينا
رحلات في الذاكرة
قال رئيس مجمع الكرادلة إنّ البابا خصّص وقتًا كبيرًا للاجئين والفقراء بدءًا بأوّل رحلة رسوليّة له إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطاليّة. وشدّد على أنّ إحدى أكثر رحلاته التي ستبقى مطبوعة في الذاكرة: زيارته العراق عام 2021، البلسم الموضوع على جراحات الشعب العراقيّ بعدما تألّم من الأعمال غير الإنسانيّة لداعش؛ وزيارته جنوب شرق آسيا وأوقيانوسيا عام 2024، إذ وصل إلى أطراف العالم.
فالبابا وضع الرحمة محور اهتمامه وحارب ما سمّاه «ثقافة التهميش»، وفق ري. وذكر توقيع فرنسيس وثيقة الأخوّة الإنسانيّة في الإمارات العربيّة المتّحدة عام 2019. وتوقّف رئيس مجمع الكرادلة على تأكيد فرنسيس في ظلّ الحروب الأخيرة أنّ «أحدًا لا يخلص وحده».
بمزيج من الحزن والاحترام، حضرت اليوم إلى روما حشود الحجّاج للمشاركة في جنازة البابا فرنسيس؛ رؤساء دول، وقادة دينيون، وشخصيّات من الصف الأوّل، انضمّوا إلى المؤمنين القادمين من قارات الأرض كافّة، ليكونوا شهودًا على رحيل رجل طبع عهده ببساطة الكلمة وعمق الرسالة واتساع اليد الممدودة للجميع. تعيش المدينة يومًا استثنائيًّا في ظلّ انتشار أمني واسع وإغلاق للطرق.
أولمر، مشرّد من الجنسيّة الرومانيّة يفترش الطرق بالقرب من حاضرة الفاتيكان. التقى البابا فرنسيس أكثر من مرّة، منها قُبيل رحلته الرسوليّة إلى رومانيا عام 2019، وفق قوله لـ«آسي مينا». وعندما عَلِم بوفاة الحبر الأعظم، وضع صمدة عليها صُوَر الراحل إلى جناب يسوع والعذراء مريم.