في المحور الثاني، تناول ميناسيان هذه المسألة، مُشيرًا إلى أنّ «الله اختار شعبًا ليُمهّد الطريق لمجيء ابنه، وآخَر ليشهد على هذا المجيء». وأكّد أنّ الاضطهاد لم يتوقّف منذ اعتنق الأرمن الديانة المسيحيّة عام 451، حين استُشهد أوّل قدّيس أرمنيّ. وزاد: «المآسي والاضطهادات لم تتوقّف، حتّى بلغنا العام 1915، العام الذي صار دليلًا دامغًا على الفظائع ضدّ الإنسانيّة، إذ سعوا آنذاك إلى محو الوجود الأرمنيّ، لكنّ الشعب بقي وصمد... والقيم تهاوت».
وعن واجب الكنيسة في إبقاء هذا الملفّ حيًّا، أكّد ميناسيان أنّ دورها يكمن في الإرشاد والشهادة لأنّ «القول مرتبطٌ بالفعل، وبالتالي يجب أن أعيش ما أعظ به. فالعظات ليست وصفةً طبّيةً تُعطى للمريض وحده فيُشفى من دائه، بل هي دعوة موجّهة إليّ وإلى الآخرين. لذلك، تحافظ الكنيسة على قدسيّتها على الرغم من المآسي التي تمرّ بها، لأنّ مؤسّسها هو الله وأعضاءها هم أبناء الشعب الذين يؤمنون ويحافظون على إيمانهم».
ناغورنو كاراباخ... مأساة متكرّرة
بعد إغلاق أذربيجان ممرّ لاشين، الشريان الوحيد الذي يصل ناغورنو كاراباخ بأرمينيا، ظهرت بوادر أزمة إنسانيّة خانقة في ديسمبر/كانون الأوّل 2022. ونزح نحو 120 ألف أرمنيّ بسبب انقطاع الإمدادات الأساسيّة من غذاء ودواء ووقود، وغياب الخدمات الحيويّة في الإقليم.
وعن هذه الأزمة وتأثيرها في الوجود المسيحيّ في المنطقة والإقليم، أكّد ميناسيان أنّ الأحداث وقعت «بسبب تدخّل السياسة بالدين، والسياسة لا تعرف أيّ مبادئ». وتابع: «الهدف سياسيّ لإخفاء الوجود المسيحيّ في المنطقة. ولا أستطيع أن أجد جوابًا شافيًا لسؤالي: كيف يستطيع أشخاصٌ أن يُهجِّروا ويقتلوا بشرًا، لا بل مجتمعًا، لا بل أمّة؟ كيف خرّبوا الأوقاف والكنائس والصلبان على المقابر؟ إنّ وجود المسيحيّين في ذلك الإقليم ما هو إلّا عبوديّة، على الرغم من تباهي أذربيجان بصونها الحرّيات».
وأضاف: «تلقّينا صورًا وشرائط فيديو توثّق عمليّات قتلٍ وذبحٍ بالسكين رغم التطوّر في القرن الحادي والعشرين... وهذا لا يُظهر إلّا همجيّة القاتل»، مستنكرًا المؤتمرات الأذربيجانيّة التي عُقِدَت أخيرًا بهدف «إدخال الكنيسة في سرديّتهم».
وتابع: «شعبنا عريقٌ. لا أريد أن أدخل في السياسة، لكنّ واجبي هو أن أدافع عن شعبي الذي دفع ثمن ديانته بالدم. وأقول ذلك بكلّ محبّة وفخر لأنّني يتيمٌ، ابن ذاك الشهيد الذي دفع حياته في المذابح الأرمنيّة».
وتوجّه إلى مسيحيّي الشرق الأوسط الذين شربوا من الكأس نفسها، وأوصاهم بالمثابرة في هذه الحياة «والتعمّق في إيماننا على الرغم من الصعوبات».
وختم: «على الشعب أن يُكمل المسيرة وأن يبقى حريصًا على روحانيّاته وتقاليده وإيمانه، فنسير بذلك على مثال القدّيسين الذين استشهدوا لأجل المسيح، لأنّ المحبّة مُتَبَادَلَة وعرفان الجميل مُتَبَادَل مع من أحبّنا وخلّصنا من عبوديّة الشيطان».
خبيرة تواصل، تجيد اللّغات العربية، والفرنسية، والإنكليزية. حصلت على الماجستير في الترجمة الفورية.