الأخت ميشال الحاج هي من راهبات المحبّة «البيزنسون». تطلّ اليوم عبر «آسي مينا» لتُخبرنا عن سُبل تجديد روح المحبّة والخدمة في زمن الصوم المبارك.
تشرح الحاج: «الكتاب المقدّس هو الكلمة التي تُخاطب قلب الإنسان، وهو كلمة الحياة التي تدعونا لنُجَدِّد حياتنا وننطلق مجدّدًا بقوّة الروح. فمن خلال تأمّلنا في الإنجيل، نمتلئ من حياة الله، ونصبح بدورنا حاملين هذه الكلمة حتّى النهاية».
وتردِف: «الكتاب المقدّس يُعلّمنا المعنى الحقيقيّ لعيش الخدمة والعطاء، لأنّ تأمُّلنا الكلمة المتجسّدة يسوع المسيح يُنَقّي دوافعنا البشريّة التي تكون في أوقات كثيرة بعيدةً من الحبّ الحقيقيّ».
الأخت ميشال الحاج. مصدر الصورة: الأخت ميشال الحاج
وتكشِف: «كلمة الله تقول لنا: الخدمة عطاء لا ينتظر مقابلًا، وهي أن نقبل أن نكون عندَ أقدام إخوتنا، مثل المعلّم الذي انحنى وغسل أقدام تلاميذه. فالخدمة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمحبّة والتواضع: "مَن أرادَ أن يكون كبيرًا فيكُم، فليكُن لكُم خادمًا. ومَن أرادَ أن يكون الأوّلَ فيكُم، فَليكُن لكُم عبدًا" (متّى 20: 26، 27)».
وتزيد الحاج: «الخدمة هي عندما تتحَّركُ أحشائي أمام آلام البشريّة، مثل يسوع الذي شفى المرضى: "فَلَمّا نزل إلى البرّ، رأى جمعًا كثيرًا، فأخَذَتْهُ الشفقة عليهم، فشفى مرضاهم" (متّى 14: 14). وكذلك لمّا أطعَمَ الجموع: "إنّي أشفقُ على الجمع لأنّهم ما زالوا معي منذ ثلاثة أيّامٍ، وليس عندهم ما يأكلون" (مر 8: 2)».
وتخبِر: «الربُّ أقام الموتى أيضًا: "فلمّا رآها الربّ، أخَذَتهُ الشفقة عليها، فقال لها: لا تبكي! ثمّ دَنا من النعش، فَلَمَسَهُ فوَقَفَ حامِلوه. فقال: يا فتى، أقول لكَ: قُم!" (لو 7: 13، 14). فتحنُّن يسوع لا يقف عند الشعور، بل يدفعه إلى العمل والخدمة، ومواقفه في الكتاب المقدّس جسّدت معنى الخدمة الحقيقيّ».
وتُضيف الحاج: «الصوم هو التجدُّد في علاقتي مع الله وذاتي والآخرين، فهو من الأزمنة الكبرى التي تضعها الكنيسة لِتُذكِّرنا بالأهمّ، ولترتيب أولويّاتنا. والصوم هو مسيرة من التجارب، وبعدَ الصليب هناك القيامة والانتصار، وهذه المسيرة تتحقّق عندما نجعل خطواتنا تَتْبَع خطوات المسيح، حتّى نتركه يقودنا، لأنّ المصير معه مضمون».
وتؤكّد: «يُذكّرنا زمن الصوم بضرورة عدم التقوقع على الذات، حتّى نتمكّن من رؤية الآخَر من خلال نظر المسيح، وبذلك نلتقي بجماله وضعفه معًا، ونمشي معًا هذه المسيرة. والخلاص فرديّ، إنّما هو أيضًا جماعيّ. الآخَر أخٌ لنا وليس عدوًّا، وعلينا أن نحبّه ونحترم ضعفه».
الأخت ميشال الحاج. مصدر الصورة: الأخت ميشال الحاج
وتُكمِل الحاج: «يحضّنا الصوم على العطاء بمجّانيّة أكبر. فلنمتلئ في هذا الزمن من حبّ الربّ، ولنُصغِ إلى صوته الذي يدعونا للحياة والفرح. وهذا التجدّد يتحقّق عندما نكرّس وقتنا لإعادة قراءة أحداث نهارنا، في ضوء حضور الربّ، ونتساءل أين نحن ممّا يدعونا إليه، حتى نتحوّل ونقوم معه بحقّ، وننطلق من جديد».
وتقول: «رسالتي على المستوى الشخصيّ في زمن الصوم، هي الرسالة نفسها التي عليّ عيشها في كلّ لحظة بصفتي مُكرَّسَة. عرفتُ رغبة حياتي حين لفظتُ أوّل نَعَم أمام الله والكنيسة، وهي أن أحبّ الربّ والآخَر بلا حدود، وهي دعوة موجّهة إلى كلّ مُعمَّد».
وتواصل حديثها: «تتمثّل رغبتي في أن أعيش مواعيد معموديّتي بقوّة الربّ وبعمل الروح الذي يسكنني. ولأنّ هذه الدعوة عظيمة، وطبيعة الإنسان ضعيفة، أنا أحتاج يوميًّا إلى وقفة توبة وتجدّد، وهكذا أتعلّم كيف أحبّ أكثر، وأخدم بفرح، وأتضامن مع إخوتي، وأعيش لخير القريب».
وتختِم الحاج: «تقول القدّيسة جان أنتيد توريه، مؤسِّسة راهبات المحبّة: "لا تَبْحَثن عن سعادتكنّ إلّا في الله، دون سواه، وفي سلامه القدّوس... لا غاية لنا في ما نرغب سوى مجد الله وخير القريب... عندما يُنادي الربّ ونسمع نداءه، فإنّه يُعطينا كلّ ما يلزم. بجرأة المحبّة أتبَع المسيح».
دكتورة في اللغة العربيّة وآدابها. كاتبة وأديبة، في رصيدها كتابان، وهما: "عيون بلون المغيب"، و"أزاهير المستحيل". مُؤسِّسة جوقة "السراج" التي تضمّ مجموعة من الأشخاص المكفوفين والمبصرين.
الأكثر قراءة
1
2
3
4
5
اشترك في نشرتنا الإخبارية
رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!
تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته
منذ أيّام الكنيسة الأولى، لم ينقطع المؤمنون عن التزام الصوم بوصفه ممارسة مهمّة تساعدهم في جهادهم الروحيّ وعيش خلاصهم عبر محاربة الذات الأنانيّة وتقوية إرادة عمل الخير والانفتاح على الآخر والتوبة والعودة عن الخطيئة.