كيف تتطهَّر محبّتنا الناقصة لتليق بلقاء الله؟

الإيمان بحاجة إلى تنقية وتطهير الإيمان بحاجة إلى تنقية وتطهير | مصدر الصورة: Funstarts33/Shutterstock

يقول اللاهوتي اليسوعي فرانسوا فاريون في كتابه «فرح الإيمان بهجة الحياة»: «حين يرى الإنسان نفسه أمام المحبة، لا يسعه إلا أن يرغب فيها. وليس ألمه إلا لشعوره بأنّه غير قادر على ذلك تمامًا؛ فألمنا هو الاعتراف، بوعي تام، بأنّنا عاجزون عن المحبة الحقيقية، وإقرارٌ بأنّ إيماننا بحاجة إلى تنقية وتطهير».

يفصِّل الأب نويران ناصر الدومنيكي في حديثه لـ«آسي مينا» حاجة المؤمنين إلى الاستعداد لرؤية الله وجهًا لوجه، بكلّ ما يتطلبه من نقاء، خصوصًا «محبّتنا المحتاجة إلى التطهّر لتكون كاملةً لائقةً بالربّ الذي هو محبة. هذا التطهّر هو النار التي يتحدث عنها تعليم الكنيسة الكاثوليكية، والتي تبدأ من هنا وتكتمل بعد موتنا». 

وذكر تعليم الكنيسة القائل: «إنّ الذين يموتون في نعمة الله وصداقته، ولم يتطهّروا بعد تطهيرًا كاملًا، وإن كانوا على ثقة بخلاصهم الأبديّ، سيخضعون بعد موتهم لتطهير، يحصلون به على القداسة الضرورية لدخول فرح السماء».

وأكّد ناصر أن الـمَطْهَر ليس عقابًا وإنما نارٌ مُطهِّرة تحرق أيّ أثرٍ تركته الخطيئة فينا، إذ «لا بدّ أن نكتمل بالحبّ لكي نلتقي بالله».

وفي السياق عينه، شرح أنّ تعليم الكنيسة لا يتكلم على الزمن في الـمَطْهَر، لكون الزمن غير موجود في الأبدية، والله هو خارج الزمن. فمعلومٌ «أَنَّ يَومًا واحِدًا عِندَ الرَّبَ بمِقدارِ أَلْفِ سَنة، وأَلْفَ سنَةٍ بِمِقدارِ يَومٍ واحِد».

واسترسل ناصر: «لذا، لا نقول إنّ الـمَطْهَر يلي الموت، والسعادة تلي الـمَطْهَر. لأنّ «قبل» و«بعد» مرتبطان بالزمن المادي، في هذه الحياة الزمنية. أمّا في الأبدية فالأفضل أن نؤكّد أنّ التطهّر شرط أساس للسعادة الأبدية.

وتابع: «يطرح إعلان يسوع، المنطلِق من محيطه التاريخيّ: "ومَن قالَ كَلِمَةً على ابنِ الإِنسانِ يُغفَرُ له، أَمَّا مَن قالَ على الرُّوحِ القُدُس، فَلَن يُغفَرَ لَه لا في هذا الزمن ولا في الزَمن الآتي" تساؤلًا عن ماهية الزمان الآتي الذي يتحدث عنه يسوع، وعن إشارته الواضحة إلى وجود خطايا يمكن أن تُغفر في الزمان الآتي». 

وختم الأب نويران باعتبار مفهوم «الـمَطْهَر» تواصلًا لممارسة الصلاة من أجل الموتى بجذورها اليهوديّة الواردة في سفر المكابيّين، والشائعة في الوسط حيث عاش الربّ يسوع ومعظم تلاميذه. واستمرت عبر الأزمان كتعبيرٍ عن الأمانة لتعليم المسيح والرجاء به، فدأبت الكنيسة، منذ القرون المسيحيّة الأولى، على الصلاة من أجل الموتى، كما تُبيّن كتابات دياميس روما، ولم تتوقف قطّ.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته