ما أسباب ارتفاع عدد العُزّاب في المجتمعات المعاصرة؟

أسباب اجتماعيّة عدّة تؤدّي إلى ارتفاع عدد العُزّاب في المجتمعات المعاصرة أسباب اجتماعيّة عدّة تؤدّي إلى ارتفاع عدد العُزّاب في المجتمعات المعاصرة | مصدر الصورة: Antonio Guillem/Shutterstock

يرتفع عدد الأشخاص العُزّاب في المجتمعات المعاصرة. فعلى الرغم من سعي كثيرين إلى الزواج، يجدون أنفسهم غير قادرين على تحقيق ذلك.

الأب ميشال ماري بركات، كاهن في أبرشيّة بيروت المارونيّة، أنهى الشهر الفائت أطروحة الدكتوراه في معهد القديس يوحنا بولس الثاني لعلوم الزواج والعائلة بروما، وفيها حلّل الأسباب الاجتماعيّة واللاهوتيّة للعزوبيّة الاجتماعيّة. يشرح في حديث خاصّ إلى «آسي مينا» 8 أسباب اجتماعيّة ترفع أعداد العُزّاب في مجتمعات اليوم.

1- الفردانيّة في المجتمعات

جَعَلَ انتشار الفردانيّة في المجتمعات العلاقات بين الأشخاص أصعب، بحسب بركات. فتصل إلى الأشخاص باستمرار فكرة «طوّر طاقاتك كلّها». وهذا ما يتعارض مع العيش مع الآخر.

2- العلاقات النقيّة

فسّر بركات أنّ العلاقات أصبحت اليوم مبنيّة حصرًا على الشعور بالراحة مع الآخر. ولم يعد للعلاقة أي مكوّن اجتماعي. وهذا ما يُدعى «العلاقات النقيّة»، أي مبنيّة على العواطف حصرًا. وهذه العلاقات هشّة وتنتهي بسرعة.

3- المجتمعات السائلة

يقول عالم الاجتماع باومان إنّ المجتمع صار «سائلًا». أي يمكن فكّ كلّ شيء فيه وربطه بسرعة. وقليلون هم من يرتبطون بشخص أو بشيء ما من دون خطّة مسبقة تؤمّن لهم إمكانيّة التراجع عن خيارهم. وهذا ما يؤثّر على العلاقات بين الرجل والمرأة.

4- اقتصاد الزواج

أضاف بركات أنّ هناك نظريّة اجتماعيّة تشرح أنّ نجاح الزواج يعتمد على أن يكون الشخصان متكاملَيْن لا متشابهَيْن. فنجاح الحياة المنزليّة يفترض تخصّصًا مختلفًا لكلّ فرد. فالرجل يتخصّص في تحصيل المال، أمّا المرأة ففي أمر آخر على سبيل المثال.

وهذا التخصّص يؤدّي إلى قوّة في العلاقة. فالتشابه يُفقد الاثنَين الاهتمام بأن يظلّا معًا، لأنّه ينزع من كلّ طرف فوائد ما يحصل عليه من الآخر. وهو ما لم يعد موجودًا في جميع الحالات اليوم.

5- نزعة المرأة للرجل الأفضل

أوضح الأب بركات أنّ المرأة في التاريخ البشريّ الطويل، كان لها دائمًا دور في اختيار الرجل الأقوى. فهي، ومهما تطوّرت، ترغب في رجلٍ أفضل منها أقلّه بشيء ما، ولو بطول قامته. وكلّما صَعدَت المرأة أكثر السلّم الاجتماعي يصعب عليها إيجاد رجال يستجيبون لهذه الرغبة.

6- إرث الطلاق

أشار بركات إلى أنّ هناك دراسات تعتبر أنّ طلاق الرجال والنساء قد أثّر على الأجيال التي هي اليوم بعمر الزواج. فكثيرون ممَن تطلّق أهلهم لا يرغبون اليوم في الزواج. لكنّ بركات أشار إلى أنّ هناك دراسات أخرى أيضًا تدحض هذه النظريّة.

7- مفارقة الاختيار

سلّط بركات الضوء على نظريّة اقتصاديّة تقول: «كلّما كنت تملك خيارًا أكبر، قال لك عقلك: لا تختَر». ورأى أنّ هذا الأمر ينطبق أيضًا على العاطفة. فيعتقد الإنسان أنّه يحتاج إلى شخص محدد، وإذا وجد هذا الشخص يتمسّك باعتقاده بأنّ هناك شخصًا أفضل منه بعد. فيبقى الشكّ موجودًا في العلاقات.

المزيد

8- نظريّة سيكولوجيّة

هناك نظريّة سيكولوجية تشرح أنّ العلاقات العاطفيّة مبنيّة على علاقة الطفل مع من اهتمّ به في صِغَرِه. فإذا كان راعي الطفل يخاف عليه كثيرًا فلا يدعه يكتشف العالم، أو إذا كان لا يؤمّن له حماية عند لجوئه إليه في خلال اكتشافه للعالم، يولّد ذلك عند الطفل «تعلّقًا قلِقًا» بالآخر. وهذا الأمر يتطوّر ويُترجَم في العلاقات العاطفيّة. ويقول بركات إنّ هذا العامل اجتماعي وليس نفسيًّا، لأنّه كَثُرَ عندما تضعضعت العلاقة بين الوالدة وطفلها بعد انخراطها أكثر في سوق العمل.

المعمّد ليس عازبًا

ختم بركات حديثه إلى «آسي مينا» معلنًا أنّ المعمّد المسيحي ليس عازبًا يومًا. بل هو دائمًا مقترن بالربّ المتجسّد. فالمعموديّة سرّ اقتران بين الإنسانيّة واللاهوتيّة. والعازب المسيحي لديه النعمة اللازمة لعيش حياة مليئة، لا يشعر فيها بثقل النقص، لأنّ الربّ معه.

رسالتنا الحقيقة. انضمّ إلينا!

تبرّعك الشهري يساعدنا على الاستمرار بنقل الحقيقة بعدل وإنصاف ونزاهة ووفاء ليسوع المسيح وكنيسته